السبت، 13 فبراير 2010

الجُمَان فى معجزات النبى العدنان

الجُمَان فى معجزات النبى العدنان صلى الله عليه وسلم

1- معجزاته بتكثير الطعام وتسبيحه فى يديه .
2- معجزاته بتكثير الماء ونبعه من بين اصابعه .
3- معجزاته مع الأحجار والأشجار .
4- معجزاته بإبراء المرضى .
5- معجزاته مع الحيوانات .
6- معجزة انشقاق القمر .
7- الدروس المستفادة من معرفة معجزات النبى .
على سبيل التقديم :
لما كان حال الناس – فى الغالب - الإيمان بالواقع المادى المحسوس ، والتنكر لما هو غيب عن حواسهم ، فلم يرسل الله تعالى رسولا ليبلغ الناس ما أمره به إلا وأيده بالمعجزات الباهرات التى تدلل على صدقه ، فكون أن تظهرمعجزة على يد نبى فهذا يعنى أن الله تعالى يقول للناس هذا هو عبدى ورسولى صدق فيما بلغ عنى ؛ إذ لو كان كاذبا لما أيده الله ، وقد دل القرآن الكريم على أنه سبحانه لا يؤيد الكاذب عليه ، بل لا بد أن يظهر كذبه ، وأن ينتقم منه ، قال تعالى : {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ 44لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ45 ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ 46 فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ47 }الحاقة هذا بتقدير أن يتقول بعض الأقاويل فكيف بمن يتقول الرسالة كلها .
وهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد أيده الله تعالى بالآيات والمعجرات التى تثبت صدق نبوته ، وتبرهن على صحة دعوته ، وقد تنوعت هذه المعجزات حتى بلغت العشرات بل المئات بل وصل بها البعض إلى الآلاف ، وها نحن ذا نذكر طرفا منها .
1- معجزاته بتكثير الطعام وتسبيحه فى يديه :
من المعجزات التي أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم تكثير الطعام القليل ، وزيادة البركة فيه ، حتى إن اليسير منه الذي لا يكاد يكفي الشخص أو الشخصين ، يسد حاجة الجمع الغفير ، والعدد الكبير من القوم ، وهذه المعجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تكررت في أماكن مختلفة ، وفي مناسبات متعددة.
منها : ما حدث فى غزوة الخندق إذ بطعام نفر أكل الجيش بأكمله وكان تعداده ألفا :
أخرج البخارى (4102) ومسلم (2039) عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا – أى جوعا - ، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِى فَقُلْتُ هَلْ عِنْدَكِ شَىْءٌ فَإِنِّى رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا . فَأَخْرَجَتْ إِلَىَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ – أى ولد ضأن مما يتربى فى البيت - فَذَبَحْتُهَا ، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِى ، وَقَطَّعْتُهَا فِى بُرْمَتِهَا – البرمة القِدر من الحجر - ، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ لاَ تَفْضَحْنِى بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَنْ مَعَهُ . فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا ، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ . فَصَاحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ « يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُورًا – أى وليمة - فَحَىَّ هَلاً بِكُمْ » . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ ، وَلاَ تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِىءَ » . فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِى ، فَقَالَتْ بِكَ وَبِكَ . فَقُلْتُ قَدْ فَعَلْتُ الَّذِى قُلْتِ . فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا ، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ ثُمَّ قَالَ « ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِى وَاقْدَحِى – أى اغرفى - مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلاَ تُنْزِلُوهَا ، وَهُمْ أَلْفٌ ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا ، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِىَ ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ .
وفى رواية البخارى (4101) عن جَابِر - رضى الله عنه - قَالَ إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ ، فَجَاءُوا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِى الْخَنْدَقِ ، فَقَالَ « أَنَا نَازِلٌ » . ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ ، وَلَبِثْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ نَذُوقُ ذَوَاقًا ، فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ أَوْ أَهْيَمَ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى إِلَى الْبَيْتِ . فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى رَأَيْتُ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا ، مَا كَانَ فِى ذَلِكَ صَبْرٌ ، فَعِنْدَكِ شَىْءٌ قَالَتْ عِنْدِى شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ . فَذَبَحْتُ الْعَنَاقَ وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ ، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِى الْبُرْمَةِ ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ ، وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِىِّ قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ فَقُلْتُ طُعَيِّمٌ لِى ، فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلاَنِ . قَالَ « كَمْ هُوَ » . فَذَكَرْتُ لَهُ ، قَالَ « كَثِيرٌ طَيِّبٌ » . قَالَ « قُلْ لَهَا لاَ تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ وَلاَ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِىَ » . فَقَالَ « قُومُوا » . فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ وَيْحَكِ جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ . قَالَتْ هَلْ سَأَلَكَ قُلْتُ نَعَمْ . فَقَالَ « ادْخُلُوا وَلاَ تَضَاغَطُوا » . فَجَعَلَ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ ، وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ يَنْزِعُ ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا وَبَقِىَ بَقِيَّةٌ قَالَ « كُلِى هَذَا وَأَهْدِى ، فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ » .
ومنها : ما حدث فى غزوة تبوك وأكل الجيش بأكمله من فضل طعامهم :
أخرج مسلم (27) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ - شَكَّ الأَعْمَشُ - قَالَ لَمَّا كَانَ غَزْوَةُ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا – وهى الناقة التى يسقى عليها الماء - فَأَكَلْنَا وَادَّهَنَّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « افْعَلُوا ». قَالَ فَجَاءَ عُمَرُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ ثُمَّ ادْعُ اللَّهَ لَهُمْ عَلَيْهَا بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِى ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ ». قَالَ فَدَعَا بِنِطَعٍ – النطع البساط من الجلد - فَبَسَطَهُ ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ - قَالَ - فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِىءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ - قَالَ - وَيَجِىءُ الآخَرُ بَكَفِّ تَمْرٍ - قَالَ - وَيَجِىءُ الآخَرُ بِكِسْرَةٍ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَىْءٌ يَسِيرٌ - قَالَ - فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ قَالَ « خُذُوا فِى أَوْعِيَتِكُمْ ». قَالَ فَأَخَذُوا فِى أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِى الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلاَّ مَلأُوهُ - قَالَ - فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَفَضِلَتْ فَضْلَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ لاَ يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ ».
ومنها : ما حدث مع أبى طلحة فطعام نفر كفى ثمانين رجلا ً:
أخرج البخارى (3578) ومسلم (2040) عن أَنَس بْن مَالِكٍ قال : قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ فَقَالَتْ نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِى وَرَدَّتْنِى بِبَعْضِهِ ثُمَّ أَرْسَلَتْنِى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- جَالِسًا فِى الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ ». قَالَ فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ « أَلِطَعَامٍ ». فَقُلْتُ نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِمَنْ مَعَهُ « قُومُوا ». قَالَ فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ فَقَالَتِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ - فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِىَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَهُ حَتَّى دَخَلاَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هَلُمِّى مَا عِنْدَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ ». فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَفُتَّ وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَالَ « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ». فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ « ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ ». حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلاً أَوْ ثَمَانُونَ.
ومنها : ما حدث مع أبى هريرة وبقاء تمر معه خمس وعشرون عاما :
أخرج الترمذى (3839) وحسنه الألبانى عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- بِتَمَرَاتٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ. فَضَمَّهُنَّ ثُمَّ دَعَا لِى فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ فَقَالَ لِى « خُذْهُنَّ وَاجْعَلْهُنَّ فِى مِزْوَدِكَ هَذَا أَوْ فِى هَذَا الْمِزْوَدِ كُلَّمَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَدْخِلْ فِيهِ يَدَكَ فَخُذْهُ وَلاَ تَنْثُرْهُ نَثْرًا ». فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَسْقٍ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَكُنَّا نَأْكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ وَكَانَ لاَ يُفَارِقُ حَقْوِى حَتَّى كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ انْقَطَعَ.
ومنها : أن الصحابة كانوا يسمعون تسبيح الطعام وهو يؤكل :
أخرج أحمد والبخارى (3579) واللفظ له والترمذى (3712) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا ، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ « اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ » . فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ ، ثُمَّ قَالَ « حَىَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ ، وَالْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ » فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهْوَ يُؤْكَلُ .
2- معجزاته بتكثير الماء ونبعه من بين أصابعه:
منها : ماحدث فى بئر الحديبية الجاف ونبوع الماء منه ببركته صلى الله عليه وسلم :
أخرج البخارى (3577) عَنِ الْبَرَاءِ بن عازب - رضى الله عنه - قَالَ تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا ، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ . كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً ، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا ، فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَاهَا ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا ، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا .
ومنها : ما حدث يوم الحديبية أيضا ونبوع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم :
أخرج البخارى (3576) وأحمد عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ – الدلو الصغير من جلد - ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا لَكُمْ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ ، وَلاَ نَشْرَبُ إِلاَّ مَا فِى رَكْوَتِكَ . قَالَ فَوَضَعَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فِى الرَّكْوَةِ ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ ، قَالَ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا . فَقُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا ، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً .
ومنها : ما جاء فى روايات أخرى عن جابر وأنس :
أخرج البخارى (5639) واللفظ له ، والنسائى (77) ، والترمذى (3633) عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ قَدْ رَأَيْتُنِى مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ حَضَرَتِ الْعَصْرُ وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرَ فَضْلَةٍ فَجُعِلَ فِى إِنَاءٍ ، فَأُتِىَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ قَالَ « حَىَّ عَلَى أَهْلِ الْوُضُوءِ ، الْبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ » . فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا ، فَجَعَلْتُ لاَ آلُو مَا جَعَلْتُ فِى بَطْنِى مِنْهُ ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ . قُلْتُ لِجَابِرٍ كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ قَالَ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ .
وأخرج البخارى (3573) ومسلم (2279) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَحَانَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ ، فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِوَضُوءٍ ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ . قَالَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ .
ومنها : وتتكرر القصة ويتوضأ قدر ثلاثمائة رجل :
عند مسلم (2279) ،(6) عن أَنَس بْن مَالِكٍ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابَهُ بِالزَّوْرَاءِ - قَالَ وَالزَّوْرَاءُ بِالْمَدِينَةِ عِنْدَ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ فِيمَا ثَمَّهْ - دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ فَجَعَلَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ. قَالَ قُلْتُ كَمْ كَانُوا يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ كَانُوا زُهَاءَ الثَّلاَثِمِائَةِ.
3- معجزاته مع الأحجار والأشجار :
منها : أن شجرة استجابت لدعوته ثم رجعت لمكانها :
أخرج الدارمى واللفظ له وابن ماجه (4028) وهو صحيح عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ جَالِسٌ حَزِينٌ ، وَقَدْ تَخَضَّبَ بِالدَّمِ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ تُحِبُّ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً؟ قَالَ :« نَعَمْ ». فَنَظَرَ إِلَى شَجَرَةٍ مِنْ وَرَائِهِ فَقَالَ : ادْعُ بِهَا. فَدَعَا بِهَا فَجَاءَتْ فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ : مُرْهَا فَلْتَرْجِعْ. فَأَمَرَهَا فَرَجَعَتْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« حَسْبِى حَسْبِى ».
ومنها : أن شجرتين انقادتا له وكانتا تحت طوعه وتصرفه :
ففى صحيح مسلم (3006) من حديث جابر قال : سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى نَزَلْنَا وَادِيًا أَفْيَحَ فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقْضِى حَاجَتَهُ فَاتَّبَعْتُهُ بِإِدَاوَةٍ مِنْ مَاءٍ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ فَإِذَا شَجَرَتَانِ بِشَاطِئِ الْوَادِى فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ « انْقَادِى عَلَىَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ». فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ الَّذِى يُصَانِعُ قَائِدَهُ حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الأُخْرَى فَأَخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا فَقَالَ « انْقَادِى عَلَىَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ». فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْمَنْصَفِ مِمَّا بَيْنَهُمَا لأَمَ بَيْنَهُمَا - يَعْنِى جَمَعَهُمَا - فَقَالَ « الْتَئِمَا عَلَىَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ». فَالْتَأَمَتَا قَالَ جَابِرٌ فَخَرَجْتُ أُحْضِرُ مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِقُرْبِى فَيَبْتَعِدَ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ فَيَتَبَعَّدَ - فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِى فَحَانَتْ مِنِّى لَفْتَةٌ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مُقْبِلاً وَإِذَا الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا فَقَامَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى سَاقٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَفَ وَقْفَةً فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا - وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيلَ بِرَأْسِهِ يَمِينًا وَشِمَالاً - ثُمَّ أَقْبَلَ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَىَّ قَالَ « يَا جَابِرُ هَلْ رَأَيْتَ مَقَامِى ». قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ .
ومنها : أن سلمة استجابت له وشهدت له بالرسالة :
أخرج الدارمى (16) والطبرانى وأبو يعلى والبزار وهو صحيح ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَفَرٍ فَأَقْبَلَ أَعْرَابِىٌّ ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« أَيْنَ تُرِيدُ؟ ». قَالَ : إِلَى أَهْلِى. قَالَ :« هَلْ لَكَ فِى خَيْرٍ؟ ». قَالَ : وَمَا هُوَ؟ قَالَ :« تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ». فَقَالَ : وَمَنْ يَشْهَدُ عَلَى مَا تَقُولُ ؟ قَالَ :« هَذِهِ السَّلَمَةُ ». فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهِىَ بِشَاطِئِ الْوَادِى ، فَأَقْبَلَتْ تُخُدُّ الأَرْضَ خَدًّا حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَاسْتَشْهَدَهَا ثَلاَثاً فَشَهِدَتْ ثَلاَثاً أَنَّهُ كَمَا قَالَ ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا ، وَرَجَعَ الأَعْرَابِىُّ إِلَى قَوْمِهِ ، وَقَالَ : إِنِ اتَّبَعُونِى أَتَيْتُكَ بِهِمْ ، وَإِلاَّ رَجَعْتُ فَكُنْتُ مَعَكَ.
ومنها : أن عذقا نزل من النخلة استجابة لدعوته له ثم عاد لمكانه كما أمره :
وعند أحمد فى مسنده وهو صحيح ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَامِرٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرِنِى الْخَاتَمَ الَّذِى بَيْنَ كَتِفَيْكَ فَإِنِّى مِنْ أَطَبِّ النَّاسِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَلاَ أُرِيكَ آيَةً ». قَالَ بَلَى. قَالَ فَنَظَرَ إِلَى نَخْلَةٍ فَقَالَ « ادْعُ ذَلِكَ الْعَذْقَ ».- والعذق غصن النخلة فيه التمركالعنقود من العنب - قَالَ فَدَعَاهُ فَجَاءَ يَنْقُزُ – أى يهتز ويثب - حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ارْجِعْ ». فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ فَقَالَ الْعَامِرِىُّ يَا آلَ بَنِى عَامِرٍ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رَجُلاً أَسْحَرَ
وفى رواية الترمذى (3628) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ بِمَ أَعْرِفُ أَنَّكَ نَبِىٌّ قَالَ « إِنْ دَعَوْتُ هَذَا الْعِذْقَ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ ». فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَعَلَ يَنْزِلُ مِنَ النَّخْلَةِ حَتَّى سَقَطَ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ « ارْجِعْ ». فَعَادَ فَأَسْلَمَ الأَعْرَابِىُّ.
ومنها : أن الحجر كان يعرفه ويسلم عليه :
أخرج مسلم (2277) واللفظ له والترمذى (3703) عَنْ جَابِر بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّى لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَىَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّى لأَعْرِفُهُ الآنَ ». وأخرج الترمذى(3626) والدارمى (21) والحاكم وهو صحيح عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- بِمَكَّةَ فَخَرَجْنَا فِى بَعْضِ نَوَاحِيهَا فَمَا اسْتَقْبَلَهُ جَبَلٌ وَلاَ شَجَرٌ إِلاَّ وَهُوَ يَقُولُ السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

ومنها : حنين الجذع وأنينه لمفارقته له :
أخرج البخارى (2095) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلاَ أَجْعَلُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ عَلَيْهِ فَإِنَّ لِى غُلاَمًا نَجَّارًا . قَالَ « إِنْ شِئْتِ » . قَالَ فَعَمِلَتْ لَهُ الْمِنْبَرَ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الْمِنْبَرِ الَّذِى صُنِعَ ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِى كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقَّ ، فَنَزَلَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إِلَيْهِ ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِىِّ الَّذِى يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ . قَالَ « بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ » .
وعند النسائى (1395) بإسناد صحيح عن جَابِر بْن عَبْدِ اللَّهِ قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا خَطَبَ يَسْتَنِدُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ فَلَمَّا صُنِعَ الْمِنْبَرُ وَاسْتَوَى عَلَيْهِ اضْطَرَبَتْ تِلْكَ السَّارِيَةُ كَحَنِينِ النَّاقَةِ حَتَّى سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ حَتَّى نَزَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاعْتَنَقَهَا فَسَكَتَتْ.
وعند أحمد وصححه الألبانى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَخْطُبُ إِلَى جِذْعِ نَخْلَةٍ فَلَمَّا اتَّخَذَ الْمِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَى الْمِنْبَرِ فَحَنَّ الْجِذْعُ حَتَّى أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَوْ لَمْ أَحْتَضِنْهُ لَحَنَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».
4- معجزاته بإبراء المرضى :
فقد كان صلى الله عليه وسلم يفتح الأعين ، ويجبر المكسور ، ويلئم جرح المكلوم ، بإذن الله تعالى.
منها : شفاء عين على بن أبى طالب من الرمد يوم خيبر :
أخرج البخارى (3701) ومسلم (2406) عن سَهْل بْن سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ « لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ » . قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ « أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ » . فَقِيلَ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ . قَالَ « فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ » . فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى عَيْنَيْهِ ، وَدَعَا لَهُ ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ ، فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا ، فَقَالَ « انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ » .

ومنها : شفاء رِجل عبد الله بن عتيك المكسورة :
أخرج البخارى (4039) مطولا وقد اختصرته عَنِ الْبَرَاءِ بن عازب قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى رَافِعٍ الْيَهُودِىِّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ ، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيُعِينُ عَلَيْهِ ، فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلا وهو نائم فقتله قال عبد الله : فوضَعْتُ ظُبَةَ السَّيْفِ فِى بَطْنِهِ حَتَّى أَخَذَ فِى ظَهْرِهِ ، فَعَرَفْتُ أَنِّى قَتَلْتُهُ ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا بَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ ، فَوَضَعْتُ رِجْلِى وَأَنَا أُرَى أَنِّى قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ فَوَقَعْتُ فِى لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِى ، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لاَ أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِى عَلَى السُّورِ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ . فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَقُلْتُ النَّجَاءَ ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ . فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ « ابْسُطْ رِجْلَكَ » . فَبَسَطْتُ رِجْلِى ، فَمَسَحَهَا ، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ .
ومنها : شفاء ساق سلمة بن الأكوع من إصابتها بضربة يوم خيبر :
أخرج البخارى (4206) وأبو داود (3894) وأحمد عن يَزِيد بْن أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِى سَاقِ سَلَمَةَ بن الأكوع ، فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ قَالَ هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِى يَوْمَ خَيْبَرَ ، فَقَالَ النَّاسُ أُصِيبَ سَلَمَةُ . فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ .
5- معجزاته مع الحيوانات :
منها : أن حيوانا كان فى بيت النبى صلى الله عليه وسلم يوقره ويجله :
عن عَائِشَة قالت : كَانَ لآلِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَحْشٌ فَإِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لَعِبَ وَاشْتَدَّ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا أَحَسَّ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ دَخَلَ رَبَضَ – أى أقام لا يبرح - فَلَمْ يَتَرَمْرَمْ – أى يسكن لا يتحرك- مَا دَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى الْبَيْتِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُؤْذِيَهُ. حديث صحيح روه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبرانى فى الأوسط وقال الهيثمى : ورجال احمد رجال الصحيح .
ومنها : أن جملا قد استصعب على أصحابه ينصاع للنبى ويسجد له :
أخرج أحمد وقال ابن كثير : إسناده جيد عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْنُونَ عَلَيْهِ وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتُصْعِبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ وَإِنَّ الأَنْصَارَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالُوا إِنَّهُ كَانَ لَنَا جَمَلٌ نُسْنِى عَلَيْهِ وَإِنَّهُ اسْتُصْعِبَ عَلَيْنَا وَمَنَعَنَا ظَهْرَهُ وَقَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ وَالنَّخْلُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَصْحَابِهِ « قُومُوا ». فَقَامُوا فَدَخَلَ الْحَائِطَ وَالْجَمَلُ فِى نَاحِيَةٍ فَمَشَى النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- نَحْوَهُ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ الْكَلِبِ وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ صَوْلَتَهُ. فَقَالَ « لَيْسَ عَلَىَّ مِنْهُ بَأْسٌ ». فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ قَطُّ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِى الْعَمَلِ فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ بَهِيمَةٌ لاَ تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَكَ وَنَحْنُ نَعْقِلُ فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ. فَقَالَ « لاَ يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْهُ فَلَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ ».
وأخرج الدارمى (18) وأحمد (14372) وهو حسن عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ سَفَرٍ حَتَّى إِذَا دَفَعْنَا إِلَى حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ بَنِى النَّجَّارِ إِذَا فِيهِ جَمَلٌ لاَ يَدْخُلُ الْحَائِطَ أَحَدٌ إِلاَّ شَدَّ عَلَيْهِ - قَالَ - فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَ حَتَّى أتَى الْحَائِطَ فَدَعَا الْبَعِيرَ فَجَاءَ وَاضِعاً مِشْفَرَهُ إِلَى الأَرْضِ حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « هَاتُوا خِطَاماً ». فَخَطَمَهُ وَدَفَعَهُ إِلَى صَاحِبِهِ - قَالَ - ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى النَّاسِ فَقَالَ « إِنَّهُ لَيْسَ شَىْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ يَعْلَمُ أَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ عَاصِىَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ ».

ومنها : أن بعيرا عندما رأى النبى سجد له :
أخرج أحمد والمقدسى فى المحتارة وقال إسناده حسن عَنْ عَائِشَة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ فِى نَفَرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَجَاءَ بَعِيرٌ فَسَجَدَ لَهُ فَقَالَ أَصْحَابُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَسْجُدُ لَكَ الْبَهَائِمُ وَالشَّجَرُ فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَكَ فَقَالَ « اعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَأَكْرِمُوا أَخَاكُمْ وَلَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا وَلَوْ أَمَرَهَا أَنْ تَنْقُلَ مِنْ جَبَلٍ أَصْفَرَ إِلَى جَبَلٍ أَسْوَدَ وَمِن جَبَلٍ أَسْوَدَ إِلَى جَبَلٍ أَبْيَضَ كَانَ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تَفْعَلَهُ ».

ومنها : أن ذئبا يتكلم ويشهد للنبى بالرسالة :
روى أحمد وعبد بن حميد وصححه الألبانى فى السلسلة الصحيحة (122) ،عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ عَدَا الذِّئْبُ عَلَى شَاةٍ فَأَخَذَهَا فَطَلَبَهُ الرَّاعِى فَانْتَزَعَهَا مِنْهُ فَأَقْعَى الذِّئْبُ عَلَى ذَنَبِهِ قَالَ أَلاَ تَتَّقِى اللَّهَ تَنْزِعُ مِنِّى رِزْقاً سَاقُهُ اللَّهُ إِلَىَّ. فَقَالَ يَا عَجَبِى ذِئْبٌ مُقْعٍى عَلَى ذَنَبِهِ يُكَلِّمُنِى كَلاَمَ الإِنْسِ. فَقَالَ الذِّئْبُ أَلاَ أُخْبِرُكَ بِأَعْجَبَ مِنْ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ -صلى الله عليه وسلم- بِيَثْرِبَ يُخْبِرُ النَّاسَ بِأَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ. قَالَ فَأَقْبَلَ الرَّاعِى يَسُوقُ غَنَمَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَزَوَاهَا إِلَى زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهَا ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرَهُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَنُودِىَ الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ لِلرَّاعِى « أَخْبِرْهُمْ ». فَأَخْبَرَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « صَدَقَ وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُكَلِّمَ السِّبَاعُ الإِنْسَ وَيُكَلِّمَ الرَّجُلَ عَذَبَةُ سَوْطِهِ وَشِرَاكُ نَعَْلِهِ وَيُخْبِرَهُ فَخِذُهُ بِمَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ ».
وفى رواية عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : وَكَانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًّا فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَأَسْلَمَ وَخَبَّرَهُ فَصَدَّقَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّهَا أَمَارَةٌ مِنْ أَمَارَاتٍ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ قَدْ أَوْشَكَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرُجَ فَلاَ يَرْجِعَ حَتَّى تُحَدِّثَهُ نَعْلاَهُ وَسَوْطُهُ مَا أَحْدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ ».

6- معجزة انشقاق القمر فلقتين :
قال تعالى : {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ }القمر1
أخرج البخارى (3637) ومسلم (2802) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً ، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ .
وأخرج البخارى (3437) ومسلم (2800) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « اشْهَدُوا » .
7- الدروس المستفادة من معرفة معجزات النبى :
فمعجزات النبى ليست مجرد حكايات تلوكها الألسن ، وتتشنف بسماعها الآذان ، وتتحدق بها الأعين ، بل إن لها الأثر الكبير على معتقد المرء وإيمانه ، وإن لها الثمر المرجو على دين الله تعالى ، ومن هذه الثمار والفوائد :
1- معرفة قدر النبى صلى الله عليه وسلم ومنزلته عند الله تعالى :
إذ قد أيده بهذه المعجزات الجليلة ، فطوع له كل شىء ، حتى عرفه الحجر والشجر ، ووقره وأجله كل شىء حتى سجد له الجمل صلى الله عليه وآله وسلم .
2- زيادة الإيمان بالنبى صلى الله عليه وسلم وتصديقه فى كل ما أخبر:
وهذه تعود على كل مسلم ، فإن كون أحد يأتى بمثل هذه المعجزات لدليل صدق على كل ما جاء به وأخبر عنه ، وهذا يعنى وجوب التسليم لكل ما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم والامتثال التام له ، كما أن معرفة معجزاته صلى الله عليه وسلم تزيد من حبه .
3- دعوة أهل الأديان الأخرى للإيمان بالنبى صلى الله عليه وسلم :
فإن قيام مثل هذه الآيات على يديه لدليل كاف على صدق دعوته ورسالته ، ولا يستطيع أى عاقل أن يجحد ذلك إلا إذا كان مكابرا .
4- الرد على من ادعى ألوهية المسيح أو بنوته لله – تعالى الله عن ذلك – :
بدليل ما قام به من المعجزات ، فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذه معجزاته الباهرة الخارقة للعادة ، والتى لا يستطيع لأحد أن يقوم بمثلها إلا إذا كان مؤيدا من الله تعالى ، ومع ذلك فإننا لم ندعى ألوهيته ولا بنوته لله تعالى لقيامه بمثل هذه المعجزات ، لأن حاله كحال أخيه عيسى المسيح وكحال جميع الأنبياء والرسل لم يفعلوا هذه المعجزات من تلقاء أنفسهم ولكن بإذن الله تعالى .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق