الجمعة، 6 مايو 2011

رؤيتى فى إصلاح الأزهر الشريف وتطويره مؤسسة وتعليما ودعوة إقليميا وعالميا

هذا تصور شامل لعملية تطوير الأزهر الشريف وإصلاحه ، وهى رؤية مبنية على النظرة الشاملة للواقع ، والموازنة بين الموجود والمفقود والمذموم والمحمود ، كان الحافز من كتابتها هو رفع التأثيم الواقع على جميع القائمين على شئون الأزهر والمنتسبين لهذا الصرح العظيم ، انطلاقا لما هو معلوم من السؤال يوم الحساب لما غرز فى الفطر دون اكتساب أن كل مسلم مسئول عن تبليغ دينه للآخر بالحكمة والموعظة الحسنة .
وتفعيلا لدور الأزهر العالمى الذى افتقده فى الآونة الأخيرة لما طرأ عليه من ضعف وخفوت وإقصاء وسكوت ، وبعد عن الساحة الدعوية الداخلية والخارجية أرى أنه أصبح من الضرورى أن تتم عملية إصلاح شامل داخل هذه المؤسسة العريقة العتيقة ورأيت تصورا لذلك بديهى قائم على ثلاثة محاور رئيسية وهى :
المحور الأول : وهو إصلاح مؤسسة الأزهر من الداخل ( الهيكلة العامة ) ووضع أطر عامة لذلك .
المحور الثانى : وهو إصلاح وتطوير الجانب التعليمى والدعوى فى الإطار المحلى .
المحور الثالث : وهو تطوير الجانب التعليمى والدعوى فى الإطار الإقليمي والعالمى .
وسبب ذلك أنه لا شك لكى يقوم الأزهر بدوره الريادى لا بد من خلق إصلاحات هيكلية له حتى يتسنى له القيام بذلك ، ومن ثم القيام بعمله داخل موطنه ( مصر ) بنظرة حديثة تواكب العالم الجديد والوسائل التكنولوجية المتوافرة لخدمة الدعوة ، ومن ثم تطبيق هذه النظرة فى الخارج كى تتحقق عالمية الأزهر مرة أخرى على أرض الواقع ويسترد دوره المنشود.
المحور الأول : وهو إصلاح مؤسسة الأزهر من الداخل ( الهيكلة العامة ) ووضع أطر عامة لذلك .
بداية أذكر أن بعض أطر هذا المحور نادى بها الكثير من قبلى - وما زال – فى الآونة الأخيرة ، وهو عمليا بعض جوانب هذه الأطر قيد الدراسة من فضيلة الإمام الأكبر ولاقى ترحيبا منه ، إلا أن البعض الآخر قوبل بالرفض ، والبعض الأخير ربما لم ينتبه إليه أحد أو يأبه له ، وتتمثل هذه المطالب فى الآتى :
1- استقلال الأزهر الشريف ليكون مؤسسة دعوية عالمية منفصلة عن مؤسسات الدولة له كيانه ووظيفته الخاصة ، فلا يتصور أن يقوم الأزهر بدوره المنوط به إلا إذا كان مستقلا بذاته لا يقبل إملاءات من أحد مرجعيته الوحيدة هم علماؤه .
2- أن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب من بين هيئة كبار العلماء وليس بالتعيين ، وهذا متفرع من المطلب السابق إذا تحقق ، فشيخ الأزهر هو شيخ الإسلام والمسلمين جميعا وليس مجرد موظف فى حكومة .
3- حل مجمع البحوث الإسلامية ، والذى لم تكن له قيمة تذكر ولا دور يحسب له ، فكان وجوده كعدمه ، يجمع بعض علماء السلطة ، وبعض العلماء الكواهل الذين كانوا يصدرون قرارات وفتاوى تخدم من قام بتعيينهم ، أما البعض الآخر من أهل الفضل والعلم بالمجمع فكانوا مغلوبين على أمرهم ، بل كان أكثر أعضاء المجمع سنهم يتجاوز الثمانين عاما، هذا فضلا عن دور المجمع المحلى لا العالمى والذى همش دوره بلا شك وجعله فى حيز اللاوجود والانعدامية.
4- إعادة تشكيل هيئة كبار العلماء والتى لا يقتصر أعضاؤها على علماء مصر بل تضم علماء العالم الإسلامى ، والتى سينتخب من ضمنها شيخ الأزهر ، والتى ينبغى أن تضم جمعا من الشباب ولا يكتفى بالشيوخ الكواهل ، فكم كان من فقهاء الأمة وما زال من الشباب .
5- ضم وزارة الأوقاف لمؤسسة الأزهر الشريف وذلك ليكون الأئمة والدعاة تحت راية الأزهر الشريف وتتوحد جهود الدعوة ، وكذلك ليتولى الأزهر الإشراف على الأوقاف وإنفاق ريعها على الوجه الصحيح الذى يخدم الدعوة وينفع المحتاج .
6- ضم دار الإفتاء للأزهر وفصلها عن وزارة العدل ، وتشكيل لجان حقيقية تتولى الإفتاء من نخب من علماء الأزهر الشريف تتضمن كل لجنة جمع من العلماء فى شتى التخصصات التى تتعلق بأمور الفتوى ، ويكون الفيصل فى الأمور المصيرية ( واسعة الخلاف – الحديثة والمعاصرة ) ما يتم الإجماع عليه من هيئة كبار العلماء .
7- القيام بتعيين متحدثين رسميين باسم الأزهر الشريف فى جميع دول العالم .
8- القيام بعمل مركز رسمي دعوي بكل دولة يشتمل على ساحة مسجد وطوابق للخدمات الإجتماعة والدعوية ويكون كمركز رسمى للفتوى باسم الأزهر الشريف ، ومن دوره تقديم التوعية الإسلامية وبالأخص فى دول الغرب للجاليات المسلمة ، وتوضيح الإسلام الصحيح للآخر ، كما يساعد هذا المركز بدراسة أحوال الدولة القائم بها وطبيعة شعبه وكيفية الحوار معه ووسيلة الدعوة المناسبة له .
9- الاعتماد العام على الوسائل الحديثة التى تخدم التعليم والدعوة وإقامة شبكات تواصل بين جميع مراكز الأزهر الشريف حول العالم وبين جميع المؤسسات الإسلامية والدعوية لتبادل الخبرات .
10- إنشاء نقابة للأزهريين ، تضم جميع الخرجين والعاملين بالأزهر الشريف من أئمة ووعاظ ومعلمين وأساتذة جامعة الأزهر الشريف، يفعل دور هذه النقابة شأن جميع النقابات للدفاع عن حقوق أعضائها .
11- العمل على هيمنة التعليم الأزهرى مرة أخرى على الساحة ، ففى يوم ليس بالبعيد كان الأزهر وفقط هو مصدر تلقى العلوم داخل مصر ، ثم بدأ يتقلص دوره بإنشاء التعليم العادى ، ونحن نريد عمل برنامج موسع لترجع هيمنة الأزهر مرة أخرى على سدة التعليم المصرى فى فترة وجيزة ، وسنوضح كيف يكون ذلك .
12- تطوير جامعة الأزهر الشريف بما يليق بها كأعرق جامعة إسلامية فى العالم ومن أقدم الجامعات الإسلامية ، وتكاد تكون الوحيدة التى اكتسبت العالمية.
13- تأسيس بنك إسلامى عالمى باسم الأزهر الشريف يقوم على المعاملات الإسلامية التى أجمع أهل العلم على مشروعيتها ولا أقول وتجنب المعاملات الحرام بل والتى بها ِشبه شبهة لا شبهات أصيلة وإقامة فروع له فى جميع أنحاء العالم.
14- إقامة لجان منتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية ، فى المحافظات والمدن والقرى لجمع الزكاة بأنواعها وإعادة توزيعها على مستحقيها برعاية أئمة الأوقاف ، مع قيام لجان فرعية فى كبريات المساجد فى المدن والقرى بالقيام بتوعية الأغنياء وأصحاب الأموال والتجارة بقفه الزكاة وحقوق الله تعالى فيها وكيفية حسابها على مقتضى أعماله القائم بها .
15- تلقى التبرعات وأموال الزكاة من جميع أنحاء العالم لخدمة الإسلام دعوة وتعليما وأفرادا ، وعلينا الخروج من هذه المتناقضة : ما بين الزعم بأن الأزهر مؤسسة عالمية وما بين الرفض لتلقى التبرعات من الخارج (العالم) لخدمة العالم !! وإن صحت هذه المقولة فى هذا الموضع فلتكن ( إنما الغنم بالغرم) .
بل إننى أدعو الأزهر الشريف بالقيام بحملة تبرعات من جميع مسلمى العالم لخدمة الدعوة الإسلامية ولتسيير شئونها ، ولا شك أن أمرا كهذا سوف يؤتى ثمرته المرجوة بل فوق ما نتخيل لما يمثله الأزهر للمسلمين من رمز عظيم ، وأعتقد أن هذا الأمر يتوقف عليه تحقيق هذه الإصلاحات التى نطالب بها وهذه العالمية المرجوة من الأزهر الشريف.
16- التوعية بفقه الوقف الإسلامى وتوعية الناس به وحث الأغنياء عليه ، فهو من أكبر دعائم الاقتصاد الإسلامى ، ومن أغنى الوسائل التى تدر النفع على فقراء الأمة وطلاب العلم .
17- استرجاع أوقاف الأزهر التى استولت عليها الدولة وتوزيع ريعها وفقا لأحكام الوقف الشرعية ، إن كان وقفا عينيا أو عاما ، والعمل على استثمارها فى المشاريع التى تخدم الوطن وتدر العائد الذى يصرف على أهله ، ولا أريد أن أقول مساواة بالكنيسة المصرية والتى استردت أوقافها ، ولا أريد أن أقول وأن نقوم بمثل ما تقوم به الكنيسة من استثمار أموالها فى مشاريع كبيرة تدر لها دخلا عظيما خالصا من أى مسائلة ضريبية كما هو حادث فى الأديرة والتى مساحتها بمئات الأفدنة وبها مزارع المواشى والنحل والألبان وغيرها من استثمارات.
18- العمل على تشغيل جميع الخريجين من الأزهر الشريف ، ونحن إذ نقوم بهذه الرؤية فلا نتصور أبدا إن دخلت حيز التطبيق أن نرى خريجا أزهريا لا يعمل فى حقل الدعوة فى الداخل أو فى الخارج .
19- بث فضائيات باسم الأزهر الشريف بعدة لغات ، يكون منها ما يخاطب المسلم فى الوطن العربى وما يخاطب المسلمين فى دول العالم بلغاتهم وما يخاطب الآخر من غير المسلمين بلغته .
20- إنشاء مركز من كبار الباحثين والمحققين والمتخصصين يقوم على دراسة المخطوطات والعمل على تحقيق كتب التراث وإخراجها فى ثوب قشيب ، وأنا إذ أقول هذا فأنا أعلم أنه يوجد باحثين كثر ومحققين كثر وكتب تخرج إلى النور كل يوم ، ولكن الذى أعنيه هو معنى أكثر من هذا ، إن عملا فرديا لا يؤتى ثماره مثل ما لو قامت بذلك لجنة متخصصة من الباحثين من جميع أنحاء العالم ، كما لا أقصد بالعمل الفردى مطلق الفردية ؛ لأننى أعلم أن هناك الكثير من المنظمات والجمعيات التى تقوم بهذا العمل ، ولكن الحلم أكبر من ذلك وأعظم وهو عمل جماعى وشبه عالمى يكون له مركزا متخصصا لذلك ، ويكون به قسم يدرس كيفية تحقيق الكتب للمبتدئين نظريا وتطبيقيا بإدراجهم فى العمل .
21- إنشاء مركز لترجمة الكتب الإسلامية لجميع لغات العالم ، يقوم عليه مباشرة خريجى كليات اللغات والترجمة وكليات الدراسات الإسلامية ، كما يقوم المركز بترجمة كتب الآخر المنصفة للإسلام ودعوته .
22- القيام بإصدار صحيفة يومية رسمية باسم الأزهر تعتنى بشئون الدعوة والعالم الإسلامى وتتصدى لجحافل التيارات التى تشوه الإسلام ، وذلك بدلا من تلك الصحيفة – ونقولها تجاوزا صحيفة – التى تصدر الآن أسبوعيا وتوزع على المناطق الأزهرية ، والتى إن قلبتها ظهرا وبطنا لا تجد ما يجدى فيها أبدا ، مما يعنى الاستمرار فى نشرها تضييع لأموال المسلمين فيما لا يجدى .
23- العمل على تبنى مشروع عالمى للبرمجة الإسلامية بالقيام ببرمجة جميع كتب التراث والمخطوطات فى جميع مكتبات العالم كل فن على حدة ، وبرمجتها فى أقراص مدمجة ، يقوم على هذا المشروع متخصصين فى البرمجة وعلماء فى جميع التخصصات الشرعية والعربية ، وهو لا شك مشروع عمرى أى يأخذ عقودا من الزمان ومن الممكن تحقيقه فى أقل من ذلك إن أخلصت النية وبذل الجهد .
24- العمل على إصدار قانون من الدولة لتجريم الإستهزاء بعلماء الأزهر ، والزى الأزهرى ، وتنفيذ أقصى العقوبات الممكنة لمن يقوم بذلك ، كما يقوم الأزهر بمقاضاة جميع الأعمال التى تسمى بأعمال الفن والدراما ، والتى قامت فى أعمالها بأنواع من السخرية والإستهزاء بعلماء الأزهر أو الزى الأزهرى ، ووجوب حذف تلك المقاطع عند بثها مرة أخرى أو وقفها بالكلية ، وتجريم كل من يقوم على نشرها أو يحض عليه صيانة لمكانة هذا الصرح الشامخ .
25- إعادة هيكلة كيفية اختيار المسئولين عن المؤسسة بفروعها ويكون ذلك بالانتخاب بدأ كما قلنا بشيخ الأزهر ثم رئيس الجامعة والعمداء ورؤساء الأقسام ثم مسئول الأوقاف ووكلائه فى المحافظات ورئيس قطاع المعاهد ووكلائه فى المحافظات وشيوخ المعاهد ، ومفتى الجمهورية ورؤساء لجان الفتوى والوعظ.
26- تدشين مواقع وشبكات على الانترنت بجميع اللغات لنشر الدعوة ومخاطبة الآخر ، وعمل غرف فى البرامج الحوارية لحوار الآخر والرد على تساؤلاته حول الإسلام ، وعمل صفحات باسم الأزهر على المواقع الاجتماعية الشهيرة : فيسبوك وتويتر وغيرها .
المحور الثانى : وهو إصلاح وتطوير الجانب التعليمى والدعوى فى الإطار المحلى .
لا شك أن الوهن الذى يمر به التعليم الأزهرى والدعوة الأزهرية غير خاف على أحد – والاعتراف بالداء بداية العلاج- مما جعل الساحة مليئة بالجمعيات والأفراد الذين تولوا أمر الدعوة فى الوقت الذى تخلى الأزهر عنها بشكل أو بآخر مما أعطى الفرصة للآخرين بالنهوض بهذا العمل الجليل .
وأنا إذ أقول هذا الكلام فلا أطعن فى جهود الآخرين وما ينبغى لى ولا لمسلم ذلك ؛ لأن الدعوة الإسلامية واجبة على كل مسلم عنده الأهلية لذلك وليست حكرا على أحد ، فلم يأتى الإسلام للأزهر فقط ولكن لجميع المسلمين ، ولكن لما عرف به الأزهر عبر التاريخ من ريادته لهذا العمل ثم خفوته فى الآونة الأخيرة مما يجعلنا نأسف لذلك ، لا سيما لما يحمله الأزهر فى قلوب المسلمين فى شتى بقاع الأرض من مكانة ، مما يحتم علينا نحن كأزهريين أن نعترف أولا بما نمر به الآن من ضعف ووهن ، وهو أول طريق الإصلاح والتطوير .
وسنتحدث فى هذا المحور عن جانبين رئيسيين هما : الجانب التعليمى والجانب الدعوى .
أولا : إصلاح وتطوير الجانب التعليمي :
كان التعليم فى مصر حكرا على الأزهر الشريف ، كان هو المؤسسة التعليمية الوحيدة بمصر ، ثم بعد ذلك رويدا رويدا بدأت تنتشر المدارس الخاصة والحكومية غير الأزهرية فالجامعات غير الأزهرية مما غطى على التعليم الأزهرى وسحب البساط منه ، أو أصبح منافسا له بشكل أو بآخر .
ونحن فى الحقيقة لكى نبدأ عملية الإصلاح الشاملة فى الجانب التعليم بالأزهر الشريف فلا بد من الإيمان أولا ، الإيمان بالقدرة والعزيمة على العمل من أجل تحقيق ما نرمو إليه من عالمية حقيقية للأزهر الشريف .
وأنا أضع بعض الخيوط العريضة للنظرة الشاملة المراد تحقيقها لإحداث طفرة كبيرة فى التعليم الأزهرى ولا أقول ليحقق ما لم يحققه من قبل ، ولكن من أجل أن يرجع لمكانته السابقة فى الوجود على أرض الواقع وفى القلوب ونفوس الناس .
1- يجب العمل أولا وكما قلت من بعد الإيمان بالقدرة على تحقيق ذلك والعزيمة الحقيقية لتنفيذه على إعادة هيمنة التعليم الأزهرى مرة أخرى فى مصر ، ولا أريد أن تكون هذه الهيمنة مسيسة إطلاقا لا أريد أن تتبنى الدولة ذلك – وإن كنت أحبه ولا شك ولكنه مستحيل الحدوث واقعيا – ولكن أريد العمل من أجل تحقيقه ، وسيكون ذلك بالتطوير الشامل لهيكلية التعليم ، وتقديم معاهد نموذجية بمواصفات جودة عالمية حقيقية ومتاحة للجميع مجانا ، والعمل على نشرها .
2- تأسيس لجنة من كبار الخبراء والتربويين ويكون من بين أعضائها جمع من الشباب لدراسة كيفية تطوير التعليم الأزهرى ، ويكون من مهمة هذه اللجنة الآتى :
- وفد منها يجوب دول العالم المتحضر فى الجانب التعليمى ودراسة وسائله الحديثة والعمل على إمكانية التواصل مع بعضها بما يخدم العملية التعليمية الأزهرية فى الجانب المادى.
- تشكل لجنة فرعية من هذه اللجنة للتواصل مع الجامعات والمدارس والجمعيات الإسلامية لتبادل الخبرات فى شأن التعليم الدينى ولا أجد أدنى حرج من ذلك أن يستفيد الأزهر من غيره ، وعلينا القضاء على تلك الحساسية التى مفهومها : أن الأزهر هو المؤسسة الإسلامية الوحيدة التى لها أحقية التحدث باسم الإسلام .
- لجنة فرعية من متخصصين فى جميع الفروع تقوم بتطوير المناهج والوسائل التعليمية على وفق ما تجمعه اللجان الفرعية من خبرات .
- القيام بعمل استبيان لآراء المعلمين فى كيفية تطوير التعليم ، وطرح المنظور الفردى فيها ، والقيام بدراستها من لجنة تطوير التعليم .
- حذف مادة المنطق الأرسطى القديم ، وتدريس مادة ( المنطق الإسلامى) فالمنطق الأرسطى عقيم ولا فائدة من وراء تدريسه اللهم إلا فى بعض أبوابه ، ولكن للأسف أصبحت كلمة المنطق عند الناس تدل على الغموض والصعوبة واللافهم ، مع أن المنطق فى الأصل فطرة إنسانية وهبة إلهية للبشر ، وتقنينه كعلم أمر يرجع إلى كل عصر وأهله فمع أننا ندرس المنطق القديم والمنطق الحديث ، إلا أننا وللأسف لم يخطر على بالنا تدريس المنطق الإسلامى وهو علم جديد فى مسماه قديم فى مضمونه وفحواه ، وأنا على استعداد- بحكم تخصصى - للمشاركة فى وضع دعائم وأسس وأصول هذا العلم .
3- القيام ببناء المعاهد الأزهرية بشكل واسع على مستوى المحافظات ويكون البدء بلا شك بالحضانة الأزهرية ثم المعاهد الإبتدائية ، مع وضع منظومة زمنية لبناء المعاهد الاعدادية والثانوية التى تسد عملية ترحيل طلاب الابتدائية حتى لا يحدث ما نراه من أزمات فى ذلك على أرض الواقع .
4- من وجهة نظرى الخاصة والتى لا يأبه بها الكثير ولا أقول الجميع أن عملية تطوير التعليم لا بد أن تبدأ من المبنى التعليمى ، فمن وجهة نظرى أن شكل المبنى ومحتواه لا يصلح كصرح للعملية التعليمية الحديثة ولا بد من تطويره والاستفادة من المبانى المتطورة فى العالم المتحضر وهو أمر له إيحاؤه النفسى على واقع المعلم والمتعلم هذا كشكل للمبنى ، وله أثره العملى التطبيقى ، ولا أريد أن أضرب مثالا بخلو المعاهد من فناء رحب للعب الطلاب والقيام بالأنشطة الرياضية ، ولا توجد الغرف اللازمة من معامل وكمبيوتر ولا أدوات ووسائل ، ولا أريد أن أتحدث عن ضيق الفصول ... الخ ، فلا بد أن يكون بناء هذه المعاهد على النحو المتطور ووفقا للجودة ، لنبدأ بتربية نشىء جديد فريد على أسس وأصول حديثة تجمع بين الأصالة فى المنهج والمعاصرة فى الوسائل .
5- لا شك أن المعلم عليه العبىء الأكبر فى تأسيس النشىء وتكوين لبنته الفكرية والعقلية الأولى ، والتى قد تكون سببا لنموها أو اضمحلالها ، لذا كان لا بد لهذا المعلم أن تكون له حقوق وعليه واجبات حتى يتسنى لنا أن نرتقى بالعملية التعليمية بكل صدق بواقع تطبيقى لا بأجندات ودراسات تكتب وتقرأ وتطوى لذا أقترح التالى :
- ضمان حياة مادية مناسبة للمعلم تكفل له حياة كريمة تجعله يتفرغ للعملية التعليمية ويجود بما يتعلمه ويدرسه باقى يومه ، إذ لا يتصور أن نطلب من المعلم القيام بواجبه ونحن لم نقم بالقيام بواجبنا نحوه ، وإذا وضعنا فى الحسبان أنه كإنسان عليه واجبات فى الحياة نحو نفسه وأسرته ومن يعول ، فعلينا بسد حاجته المادية ليتفرغ لحاجتنا المعنوية .
- ضمان المكانة المعنوية للمعلم تجاه طلابه والمكانة الاجتماعية تجاه المجتمع ، ووضع عقوبات رادعة لمن يقلل من شأن المعلم أو ينتقصه حقه .
- القيام بعمل دورات للمعلمين على نمط تطبيقى يتمتع بالواقعية غير نمطى يتبع أساليب عقيمة لا تصلح للتطبيق أصلا ، ولا بد فى هذا الأمر أن يستشار حديثى التخرج وحديثى التعيين ممن لديهم الموهبة الأصيلة والحديثة فى توصيل المعلومة للطالب.
- يجب أن تخصص دورات مبسطة للمعلم تخرج كما قلت عن إطارها النمطى عن كيفية المعاملة مع عقليات الطلاب المتفاوتة ونسبة ذكائهم ومستواهم فى الفهم والتلقى .
6- الطالب هو من قامت العملية التعليمية من أجله وهو يمر بمراحل التعليم المختلفة الابتدائى والاعدادى والثانوى والجامعى لذا يجب التنبه جيدا له منذ دخوله للتعليم ؛ لتمحص العقليات الفذة والتى لا يخلو منها جيل، ثم العمل على تنميتها والاستفادة منها ، ولاكتساب عقلية الطالب للعملية التعليمية علينا تفعيل دور النشاطات والحوافز التى تجذب الطالب وتخدم التعليم والتى منها :
- تكريم أوائل الجمهورية على المعاهد الأزهرية كل عام تكريما أدبيا وماديا من شيخ الأزهر .
- تكريم أوائل الطلاب على مستوى المحافظة كل عام تكريما أدبيا وماديا من رئيس المنطقة بحفل كبير.
- تكريم أوائل المعهد كل شهر فى الطابور الصباحى ، وكذا أوائل الفصل بداخله تكريما معنويا وإن أمكن ماديا أو رمزيا .
- إقامة الرحلات الترفيهية إلى الأماكن التى تخدم العملية التعليمية سواء على المستوى العلمى أو الإسلامى .
- إقامة المسابقات فى حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية والعلوم الشرعية بفروعها واللغة العربية والعلوم الثقافية مما يحفز الطالب على البحث والتنقيب .
7- بالنسبة لمناهج العلوم الشرعية وما ظهر مؤخرا فى السنوات الأخيرة من تدريس بعض الكتب المعاصرة من تأليف شيخ الأزهر السابق ، وما ظهر من انتقادات لها ، وما ظهر من الطرف الآخر ومنذ تولى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وتبنيه إرجاع كتب التراث مرة أخرى ، فأنا أرى أنا كلا الرأيين – مع احترامى لكليهما- بالغ الشطط فتدريس الكتب المعاصرة مثل التى تُدرس الآن أمر لا يفيد ، وتدريس كتب التراث بشكلها القديم أمر منه الطالب لا يستطيع أن يستفيد ؛ وذلك لصعوبتها بل ليس على الطالب وحسب بل وعلى المعلم حديثى التعيين والذى ليس له دربة على المعاملة على مثل هذه الكتب وفهمها .
إذا ما الحل ؟ أمامنا أحد أمرين : إما أن نشكل لجنة من كبار العلماء وتأليف مناهج شرعية حديثة تجمع بين الأصالة والمعاصرة وتجمع المسائل الفقهية المعاصرة ، وإما أن تقوم لجنة من الباحثين والمحققين بتحقيق هذه الكتب وعمل حواشى لها لتيسير فهمها وتدريسها ، مع ترجيحى للرؤية الأولى وهذه لا تعكر على التراث فلكل زمان لغته ، فما الجدوى من مسمى أننا ندرس كتب التراث ولا فائدة من ورائها ؟ !
7- عودة الكتاتيب مرة أخرى فكم كان لها من دور ريادى وحقيقى فى تأهيل الصغار لدخول الأزهر الشريف ، وكم لها من دور فى المحافظة على تحفيظ الصغار القرآن الكريم بعد إنتهاء العام الدراسى ، لذا أقترح العمل على التوسع فى نشر هذه الكتاتيب فى شتى نجوع مصر تحت إشراف الأزهر الشريف .
8- أقترح فى التعليم الجامعى إضافة مادة تحقيق كتب التراث والمخطوطات ، لفتح أعين الطلاب على هذا العلم وتأهيلهم لطرق هذا المجال.
9- أرشفة عناوين وبيانات الكتب المخطوطة والمهمة والتى لم تحقق وعرضها كاقتراح للباحثين المقدمين على تحضير رسائل الماجستير والدكتوراة ؛ لما فى ذلك من خدمة حقيقية لهذه الكتب ولتوفير الجهد على المتخصصين فى ذلك بإشراك غيرهم فى هذا العمل وإخراجه فى صورة طيبة سوف تقيمها لجنة كبيرة كى تمنح القائم عليها درجته العلمية .
10- القيام بعمل مكتبة بكل معهد وتخصيص حصة فى الأسبوع على الأقل لدخولها ، وتعيين متخصص يقوم على إدارتها كى يتسنى للطلاب الاستفادة بما فيها ، والقيام بفتح هذه المكتبات فى الأجازات الصيفية وغيرها للطلاب وغيرهم ، وطبعا أقصد مكتبة حقيقية لها دورها الحقيقي لا مجرد حجرة يطلق عليها هذا المسمى وحسب.
11- الاهتمام بمجلات الحائط والتى يكلف بعملها الطلاب بأنفسهم ، وتوضع فى مكان استراتيجي يتاح رؤيته للجميع ، كما ينبغى تكليف المناطق الأزهرية بعمل مجلات شبه دورية تنشر على معاهد المنطقة ، ويقوم بتحريرها الطلاب بأنفسهم تحت إشراف معلميهم .
12- إنشاء مواقع ومنتديات تعليمية يشرف عليها متخصصين من الأزهر الشريف لإمكانية التواصل بين الطالب والمعلم ومناقشة المسائل الشرعية والعلمية بشكل متطور وأوسع.
13- أن تقوم جامعة الأزهر بنشر دورية على مستوى واسع تليق هذه الدورية بأعرق جامعة إسلامية ، تقوم هذه الدورية بنشر الأبحاث الأكاديمية : عقدية وشرعية ولغوية ومعاصرة ، محاكاة بمجلة الشريعة الكويتية ، والأحمدية الامارتية وغيرهما من مجلات أكاديمية بحتة أثرت الفكر الإسلامي بما قدمته من بحوث ، وخدمت الباحثين وأمتعتهم.
ثانيا : إصلاح وتطوير الجانب الدعوى :
الدعوة تشمل الوعظ والفتوى والخطب ، وإذا نظرنا نظرة واقعية على حال الدعوة الأزهرية ترى الأمر مؤسف ومخزي من تدنى المستوى العلمى والثقافى ، والبعد عن الواقع ، فضلا عن عدم الإهتمام الرسمى بشئون الدعوة أصلا .
لا شك أن الجانب الدعوى يتعلق بالجانب التعليمى ، فإن استطاع التعليم أن يخرج لنا داعية ذا كفاءة ، لخدم الجانب الدعوى على الوجه الأمثل والأجدر؛ لذا فإنني أقترح الآتى فيما يتعلق بشأن الدعوة على سبيل الإجمال والتعميم :
1- يجب أن نوفر أيضا للدعاة من أئمة ووعاظ الجانب المادى الذى يكفل لهم حياة كريمة ، تجعلهم يتفرغون لأمور الدعوة .
2- يجب أن نوفر للدعاة الوسائل التى تعينهم على شأن الدعوة من توفير الكتب والمجلات ذات الأبحاث النافعة والتى تخدم الدعوة وتعينهم عليها ، وكذلك توفير الوسائل الحديثة .
3- تطوير الخطاب الدينى من بعد تطوير وسائله ، ونقصد بهذا التطوير أو التجديد : هو وضع الآليات التى تمكن الداعية أن يواكب الأمور المعاصرة وأن يطرق بابها ويستطيع الحديث عنها وإدارة أزماتها ومعالجة سلبياتها .
4- إقامة مكتبات عامة وضخمة بكل محافظات الجمهورية تتوفر بها أمهات الكتب التى تخدم الباحثين ، وكذلك الكتب المعاصرة التى تنمى عقلية المسلم والداعية معا .
5- إقامة مركز كبير للكمبيوتر متصل بشبكة المعلومات ، يفتح على مدار 24 ساعة أو أن يكون مكانه فى المساجد الكبرى ، ويكون من شأنه القيام بالدعوة عبر شبكة الانترنت : من مواقع ومنتديات وغرف حوارية ومواقع التواصل الاجتماعى ، وأن يشرف عليه أئمة الأوقاف ويقوم عليه الشباب المسلم بجميع تخصصاته تحت رعاية الأئمة والوعاظ الذين يقوم دورهم على المشاركة بأنفسهم فى ذلك وإرشاد الشباب فى كيفية دعوة الغير والإجابة على تساؤلاتهم حول ذلك ، وكما قلت أن يفتح على مدار 24 ساعة ولا يغلق ولا يخلو من دعاة متخصصين يتناوبون على ذلك ، لما نعلمه واقعيا - بحكم العمل الدعوى على شبكة الانترنت - من عدم خلو الشبكة من تواجد للشباب فى العالم العربى بعدد كبير وملفت، فضلا إذا راعينا فروق التوقيت العالمية مما يعنى وجوب التواجد على مدار 24 لسد هذه الثغرة الدعوية ، وفتح الباب للشباب المتطوعين لذلك تحت إشراف الدعاة .
6- إعادة دور المساجد المفقود والذى اقتصر على أداء الصلوات الخمس وغلقها بعد كل صلاة ، مع أن مسجد النبى صلى الله عليه وسلم كان جامعا وجامعة ، كما كانت المساجد فى السابق لا تخلو من حلق العلم.
7- إنشاء لجنة متخصصة للحوار مع التيارات الإسلامية داخل مصر وكيفية العمل على وحدوية الدعوة بوسطية الإسلام والتى لا تعنى التنازل عن مبادئه ولا الغلو فى أحكامه ، وأعتقد أن الأزهر الشريف إذا أخلص النية لله فى هذا وآمن بمشروعية قبول الآخر لاستطاع أن يقوم بمبادرة تعاون بين جميع التيارات الإسلامية بما يقوم على خدمة الإسلام وحسب ودون مسمى آخر ، بل أقول لاستطاع الأزهر الشريف أن يجعل هذه التيارات تنضوى تحت لوائه .
8- تخصيص لجنة من كبار رجال الفكر والعقيدة للحوار مع التيارات والأحزاب ذات التوجهات غير الدينية ، والعمل على التصدى لجميع الشبهات التى تثيرها التيارات العلمانية والليبرالية حول الإسلام وشرائعه من محدودية شرائعه لزمان معين ، أو عدم صلاحيتها لكل زمان ، أو نفى العلاقة بين الدين والحياة وفصله عنها .
9- إقامة مسابقات عالمية تليق بأعرق مؤسسة إسلامية فى حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية ، وكذلك إقامة مسابقات فى مجال الأبحاث المتخصصة والمتنوعة .
10- إقامة مؤتمرات دائمة فى جميع المحافظات تناقش المستجد من أمور تمس الدعوة فى الداخل أو الخارج وبيان حكم الإسلام فيها .
المحور الثالث : وهو تطوير الجانب التعليمى والدعوى فى الإطار الإقليمى والعالمى .
لا شك أن دور الأزهر العالمى لا يستطيع القيام به إلا بعد القيام بالإصلاح الداخلى والنهوض التعليمى والدعوى داخل دولته (مصر) ، إذ فاقد الشىء لا يعطيه ، فبناء على بناء كوادر علمية ودعوية تستطيع حمل الرسالة وتبليغها ساعتئذ يستطيع الأزهر أن يحمل مشعل الدعوة العالمية .
هذا ،وسوف أقسم مناطق الدعوة خارج الإطار المحلى للأزهر الشريف (مصر) إلى الآتى :
- الدول العربية .
- الدول الأفريقية .
- دول الغرب أوروبا والأمريكتين .
- دول جنوب شرق آسيا ويلحق بهم قارة أستراليا .
1- بالنسبة للدول العربية : فإن وضع الإسلام بها مستقر وكذلك الحال بالنسبة للتعليم الإسلامى ، كما أنها من الناحية المادية تستطيع أن تنفق على الجانب الدعوى ، لذا فإنها تستطيع أن تلبى بعض احتياجاتها أو تسد النقص فى الكوادر التعليمية والدعوية المطلوبة بعمل مسابقات لذلك ، لذلك فلن يكون على الأزهر الشريف عبء فى هذه المنطقة ، ولا يعنى ذلك قطع الأزهر الشريف صلته بهذه المنطقة بل أن يولى جل اجتهاده للمناطق الأخرى ذات الاحتياج .
2- بالنسبة للدول الأفريقية : فهى أرض خصبة للدعوة الإسلامية وتعانى من المصدريين الرئيسيين للدعوة : المصدر المادى والمصدر المعنوى ، فغالب دول جنوب أفريقيا تعانى من الفقر المدقع ، مما جعلها مرتعا لشبكات التنصير ، كما أنها تعانى من كوادر الدعوة ، لذا فإنها أكبر عبء على مؤسسة الأزهر الشريف إذا تحمل واجب الدعوة إزائها .
3- بالنسبة لدول الغرب : أوروبا والأمريكتين : فهى أرض خصبة جدا للدعوة للإسلام ،فشعوبها أجساد تفتقد إلى الروح مع أن غالبية ديانتهم الرسمية المسيحية ، إلا أنهم لا يؤمنون بها إيمانا حقيقيا بل ديانتهم توريثية، والكثير منهم ربما لا يعرف ديانة غيرها ، والبعض الآخر لو فكر فى الاعتقاد لوصل للالحاد كما هو شائع عندهم ،مع أنه لو وصلهم الإسلام بصورته الحقيقية لآمنوا به عن بكرة أبيهم ، ولا شك أن هذه الدول تفتقد إلى الكوادر مع إمكانية توافر الجانب المادى المتمثل فى تبرع أثرياء الجاليات الإسلامية بما يخدم دينهم .
4- أما بالنسبة لدول جنوب شرق آسيا ويلحق بها قارة أستراليا : فإن غالبية معتقدات هذه الدول هى الوثنية وهذه الدول تجمع ما بين دول فائقة الحضارة ودول نامية ، إلا أن هذه المعتقدات أيضا أصبحت لا تروى ظمأ عاقل فى هذا العصر مما يعنى أنها أرض خصبة للإسلام أيضا وهى تتوسط فى أمر مصدر الدعوة من الجانب المادى والمعنوى ، ففى باكستان والهند عدد كبير جدا من العلماء من الممكن إن قام الأزهر بالتواصل معهم وتبادل الخبرات لخدمة نشر هذا الدين ، أما الجانب المادى فهو متوسط أيضا فيما أعتقد ولكنه يحتاج إلى تمويل ، أما قارة استراليا فنسبة المسلمين بها قليلة جدا فهى تجمع بين المسيحية والوثنية مما يجعلها أرضا خصبة للدعوة .
والذى يجب علينا إزاء هذه المتغيرات النابعة عن التغير الجغرافى ، والتى تعنى الجمع بين تغيرات سياسية ودينية واجتماعية واقتصادية .. أن نوازن بين الموجود والمفقود والمتاح والغير متاح ونتعامل معه بما يخدم الدعوة وهذه عدة عوامل يجب علينا تطبيقها :
1- الإيمان أولا بالواجب الشرعى تجاه تبليغ الدعوة إلى كل من لم تبلغه ، وأن العزم على القيام بهذا العمل ليس على سبيل التفضل منا ، بل على سبيل الواجب علينا ، والذى بالغنا فى التقصير نحوه لعدة عقود .
2- توافر الجانب المادى الذى سيساعد على نشر الدعوة خارج إطار إقليمية الأزهر ، لا سيما فى تلك الأماكن النائية والتى لا يستطيع أحد أن يبلغها ، إلا شبكات التنصير الفاتيكانية وغيرها ، وأعتقد أن أمر توفير هذا الجانب المادى ميسور وليس بالصعب إيجاده ، وهو أن يدعو الأزهر الشريف حكومات العالم الإسلامى وأثريائه بالتبرع لذلك ، ونظرا لمكانة الأزهر العالمية سوف تأتى هذه الدعوة بنتيجة تفوق خيال من شرد ذهنه إلى اللاحدود فى المتوقع.
3- التواصل المباشر – بعد البحث والتنقيب – عن جميع المؤسسات والجمعيات الدعوية والخيرية النشطة فى العالم ، وبحث إمكانية تبادل الخبرات ، والتعاون فى إطار مشترك موحد ، أو إمكانية دمجها فى مؤسسة الأزهر كفرع له فى دولتها بميزانيتها وأطقم أفرادها .
4- المحافظة على هوية الجاليات الإسلامية والأقليات فى دول الغرب ، ونشر الوعى الإسلامى بينهم وكيفية الانخراط مع الآخر مع الحفاظ على الهوية الإسلامية .
5- إصدار نشرات بلغة كل دولة صحف ومجلات تخاطب أبناء الدولة وتظهر تعاليم الإسلام المشوهة وسماحته ، ومعالجة الإسلام لمشاكل العالم المعاصرة ورؤيته فى كيفية معالجتها ، وبيان نظرة الإسلام للحياة وللكون وللإنسان وللإله ، والرد على الشبهات التى تثار حول الإسلام ونزع فوبيا الإسلام من عقول الغرب .
6- بث قنوات فضائية بلغات العالم تخاطب الآخر بما يتلائم مع ثقافته والعمل على الاستعانة بكوادر الدعوة الإسلامية بالعالم الذين يجيدون أى لغة غير العربية فى ذلك .
7- يؤمن الغرب بلغة الحوار والمناظرة الحقيقة ، فعلينا استخدام هذه الوسيلة بضخ أكبر عدد من مفكرينا للعمل على إقامة مناظرات مع مفكرى الغرب حول الإسلام .
8- خلق نظرية الاستغراب فى مواجهة الاستشراق ، والاستغراب غير التغريب ، فإنه إذا كان الاستشراق هو التوجه نحو الشرق لدراسة ما فيه ونشر معتقد الآخر فيه ، فـإن الاستغراب هو التوجه نحو الغرب ودراسة ما فيه ونشر معتقد الآخر ( الأنا) .
9- تدشين مواقع الكترونية بلغات العالم كما سبق وأن ذكرت ، والتى ستكون من أكبر الدعائم والعوامل لخدمة الدعوة الإسلامية ونشرها .
10- القيام على بناء المعاهد الأزهرية بشكل موسع فى الدول الأفريقية والاهتمام بنشر التعليم الأزهرى بها .
11- القيام بإرساليات التبشير الإسلامى الدعوى إلى دول أفريقيا بشكل منظم ، والعمل على تشجيع الدعاة والمعلمين للذهاب إلى هناك برواتب مجزية .
12- القيام بسد الاحتياجات الطبية والاقتصادية ببناء المستشفيات وتوفير الأطعمة الأساسية وحفر الآبار ، مع التعاون مع الجمعيات التى لديها خبرات فى ذلك وأقترح الجمعية الشرعية بمصر .
13- العمل الفورى على طبع المصاحف والكتب المهمة ونشرها فى دول أفريقيا والتى تعانى من نقص كبير فى ذلك ، ويمكن للأزهر أن يتعاون مع بعض الجمعيات المتخصصة فى ذلك والتى لديها الامكانيات مع التجربة فى كيفية توصيل هذه المصاحف للأماكن النائية ، وإن كنت تعجب أشد العجب من طبع شبكات التنصير لكتابهم المقدس بأفخم الطبعات وتوزيعها ببذخ فى دول أفريقيا فى حال لا يجدون القرآن مكتوبا إلا على ألواح بدائية .
14- الاعجاز العلمى فى القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة ، علم نجح فى الآونة الأخير فى لفت الأنظار إليه ، فهو يعد وسيلة ممتازة لدعوة الآخر للإسلام ، فيجب استخادم هذا الجانب فى تبين حقائق الاسلام ، ولكن بضوابط تمنع بعض المغالين والمتعسفين الذين يحملون النصوص ما لا تحتمل فظواهره البينة أغنى من التكلف لإظهار حقائقه النيرة .
وبعد فهذه هى عالمية الأزهر ومكانته الحقيقية بين العالم ومن يعمل على ما هو أقل من ذلك فما أراد للأزهر إلا الحضيض والدون ، فالعمل على تقليص دور الأزهر فى أشياء هامشية لا قيمة لها حتى إن حققت فى أرض الواقع ، فلا شك أنه يريد القضاء على دور الأزهر العالمى والريادى .
وأعتقد أن من يقرأ هذه الرؤية يحسبها كحلم محال التحقيق ، أو أنها مجرد هواجس جاشت بها نفس مسلم غيور على دينه ، أو جادت بها قريحته الفياضة ، أما أرض الواقع فبعيد إلصاق هذه الآمال بها .
وأنا أقول إن نفسا تنظر لما سطرته بعين الإغماض أو تحكم عليه كطيف مر على نائم ، لهى نفس عاجزة تكبل فكرها بالموروث وتسلسل عقلها بما كان عليه الآباء ، وترسخ معتقدها وتقتنع بالخزى والتوانى فهى نفس قد سيطر عليها الضعف والفتور ، وإن مثل هذه النفوس عاشت وستعيش أبد دهرها مدحورة تجلب لأمتها الهزيمة فلا ترى فى يوم منصورة .
إننا إذا نظرنا إلى دولة كالفاتيكان مثلا والتى يبلغ مساحتها 44 كم مربع ويتشكل عدد سكانها من 32 امرأة و540 رجلا فقط وقد يبلغ العدد الإجمالى للمتواجدين والغير متواجدين ( خارجين فى مهمة التنصير) إلى 800 أو 900 على أبعد حد، ومع ذلك نرى الإمكانيات الرهيبة التى تملكها والأموال الباهظة التى تصرفها فى سبيل تنصير العالم ، مع أننا إذا أردنا إقامة مقارنة بيننا كمسلمين أو أقول بمناسبة خصوصية الموضوع بين الأزهر الشريف كمؤسسة إسلامية والفاتيكان كمؤسسة نصرانية فلا تجد وجها للمقارنة أصلا ، فمن ناحية المعتقد الإسلام عقيدة الفطرة عقيدة واضحة لا غموض فيها ولا لبس يقبلها كل عاقل دون أن تدخله ريبة من شك ، أو تخبط فى رأى ، أما العقيدة الفاتيكانية النصرانية – التبشيرية – فحدث ولا حرج ، أما من الإمكانيات المادية فبناء على الإيمان بالمعتقد الإسلامى وبشرائعه والتى منها فريضة الزكاة والحث على الصدقة وفعل الخيرات ، والدعوة إلى عالمية الإسلام كل ذلك بأريحية تامة بل وبذل مع حب ، تجد الاتجاه الآخر خالى تماما من مثل هذه الأمور ومع ذلك ينجح فى جمع الأموال التى لا عد لها ، أما نحن فقد ارتضينا بالتخاذل والتوانى عن أداء واجباتنا راكنين إلى الراحة والدعة .
ومع ذلك فأنا أكاد أوقن بل أعتقد ذلك عن جزم أن الأزهر الشريف جدير بأن يحقق بادرة الإصلاح والتطوير التى أقدمها هذه جملة وتفصيلا ، وأعتقد أيضا أن هذه الأمور قابلة للتحقيق على أرض الواقع دون ضباب الظلمة الحالك أمام من يصم آذانه أو يعمى بصرة أو يران على قلبه ، فيجعل العجز جواب لتلك البادرة أو تفخيم الصعوبة لتكون دون ذلك حائلة ، ولكن إيمانى بعالمية الأزهر الشريف ، وإيمانى بمكانته بالقلوب بين جميع المسلمين يجعل الأمل يفور فى عروقى مما يجعلنى أشاش للدعوة لذلك غير مبالى بتثبيط أهل الدعة والله المستعان .
وفى النهاية لا أستطيع إلا أن أقول هذا هو الأزهر وهذا هو دوره كمؤسسة عالمية ، فمن ظن أن الأزهر مؤسسة عالمية بمجرد أنه يدرس بعض العلوم لطلابه بمصر بشكل يرثى له ، أو بإرساله مقرئا للقران لبعض الدول فى شهر رمضان ظنا منه أنه يقوم بالدورالذى أنيط به فقد أساء الفهم بل بلغ الشطط فيه .
إننى أستطيع أن أقولها بكل قناعة مبنية أولا على الإيمان بالله تعالى والمعرفة بالسنن الكونية والوقائع العصرية أن الأزهر الشريف يستطيع إن يطبق جانب هذه الرؤية وفى خلال عشر سنين تكاد لا ترى على وجه هذه الأرض إلا موحدا بالله تعالى ، أو متعجرفا بديانته .

كتب هذه الرؤية
أ / أحمد مصطفى كامل
مدرس علوم شرعية بالأزهر الشريف
وباحث فى مقارنة الأديان