السبت، 10 يوليو 2010

صراع مع الذات .. أنا وأنا !!


كم مرة تجلس مع النفس وتحدثها وتحدثك ؟ وكم مرة يبلغ بك هذا الحديث مبلغ الشدة والعنفوان ؟ وإلى أى درجة من الشد والجذب يصل بك هذا العراك الكمونى ؟ وكأنه يدور بين أنا وآخر ،أو بين ذات وعدوها !
إنها وقائع وتجارب ملموسة ومحسوسة ، قد تكون مررت بها ، أو تمر بها ، أو لا محالة ستمر بها .
ولا غرو من ذلك ففى خضم هذا الاختلاط بواقع الناس ، وبحكم هذا المحك بغدر هذا وخيانة ذاك ، قد تجلس مع نفسك وتقول أحق هذا قد وقع لى وحدث معى ومر بى ؟ فتصيبك الدهشة ويحيط بك الذهول من هول ما تصادمت به أو تصادم بك !
ما أشأمها من لاحظات تمر على المرء يشعر بها برزء قد وقع به ، وهل ينسى المرء شعور الألم بما ألم به فى ساعة من دهره ؟ قد يكون ولكن الأشد على النفس لا وقوع المصائب ولكن الشعور بها والاسترسال فى التفكر فيها.
عندما يتذكر الإنسان ويفكر ويشرد فى المخيلة وينبض قلبه ويفور دمه وتنتفخ أوداجه ويثور ويفور ويسترجع ذاكرة الماضى ويغيب عقله عن متلمسات الحاضر أو واقع المستقبل ساعتئذ لا يأبه بكل ما يملك بالفعل أمام طيف استحضره من ماضى تليد ما أفزعه من موقف ؟ ما أبشعه من عمل ؟ ما أفظعه من فعل ؟ ما أشنعه ؟ ما أهوله ؟ ما أذهله ؟ ما أشده ؟ ما أصعبه ؟.
ولما العحب ألم تصبك الدهشة يوما ما ، فوجدت أمامك سدا منيعا وحاجزا قويا يقف حائلا بينك وبين الدنيا وما فيها ومن عليها ، وكأن كل شىء قد اختزل بما هو جائل فى شعورك شارد فى مخيلتك ، بين جنباتك لا يتعدى ، إلا ما تمخض من طيف هذا التفكر وحسب .
ولكن أقولها لك :اعلم أن بقاء الدنيا غير متوقف عليك ، فمهما ثم مهما بلغ بك المبلغ من الشدة والحزن أو الغم والكرب ثم ذهبت زاعما للقضاء على هذا بالقضاء على نفسك ففناؤك ليس فناء للعالم ولكن ضيره لا يتعداك وحدك ، وكم وكم من غيرك مر بما مررت به فأخطأ البعض وحكم على نفسه بالفناء العاجل وتعقل البعض ووقف وقفة المتريث الحصيف وعلم أن غيره من قبل مر بمثل حاله وانقضى أمره بما قضى به ربه ، وهكذا الدنيا أفراح وأتراح يعطى لهذا منها ما منع من ذاك ، ويمنع من هذا ليعطى ذاك ليكون هناك ذاك وذاك وهاك وهاك وأنا وإياك .
بعد هذا وتدبره رأيت النفس رجعت إلى الذات وعقدت المصالحة بعد أن عقلت أن خصومة هذا الصراع محتومة ولا بد خسارتها واقعة عليها ، وأن هذه الحرب لم تكن تتعد الأنا ولم يكن ثمة طرف آخر، وأيقنت النفس أنه بالتصالح يكون ثمة انتصارين : انتصار الأنا والأنا ولو قدر دوام هذا الصراع واستمرار ذاك العراك وبقاء هذه الخصومة لكن ثمة خسارتين : خسارة الأنا والأنا !!
ملاحظة : هناك نادرة فى قضية الذات وهى إمكانية أن تكون الذات ذوات والذوات ذات !! وذلك عند النصارى من حيث اتحاد أقنومية الآب الذى هو ذات مع أقنومية الابن الذى هو ذات مع أقنومية الروح القدس الذى هو ذات ، وهذه الذوات صارت ذاتا واحدة وطبيعة واحدة اتحدت بدون امتزاج ولا اختلاط ولا تغيير !! وفى نفس الأمر هى ذوات من حيث الواقع وتوزيع الأدوار !
والذى يعنينا أنه إذا حدث ثم صراع بين الآب والابن فهل يعتبر صراع بين الذات ونفسها أم بين الذات وذات أخرى ؟ إنها معضلة حقا عندما صلب الابن الذى هو الكلمة الذى هو يسوع هل الذى صلبه ليكفر الخطايا هو الآب الذى هو ذات غير هذه الذات المصلوبة ؟ أم هو نفسه ؟ أى هل المصلوب صلب نفسه ؟ أم أن صالبه هو صالب نفسه ؟ أى أن نفسه هى نفسه ؟ أم أن نفسه غير نفسه ؟ فهل هو هى ؟ أم غيرها ؟؟؟؟ مع العلم أن الاهوت لم يفارق الناسوت ولا لحظة واحدة ولا طرفة عين !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق