الأحد، 11 يوليو 2010

تدمير المعتقد المسيحى بنظرات فى نص الصلاة الربانية

نقوم بإذن الله تعالى بإلقاء نظرة تحليلة للنص الوارد فى متى (6/9-15) ولوقا (11/2/4) فى صفة صلاة ( دعاء ) السيد المسيح وهى الصلاة الربانية والأنموذج التعليمى المتبع لأداء الصلوات لدى النصارى فى كل وقت وحين وهى دندنهم فى كل حال.
وسوف نقوم بتدمير المعتقد المسيحى فى أهم القضايا عندهم من خلال هذا النص وتتمثل فى :
- إبطال تجسد الرب فى المسيح على الأرض وإثبات أنه فى السماء .
- إبطال إهانة الرب فى الكتاب المقدس ، والذى يعنى تحريف الكتاب وتزييفه.
- إثبات نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
- إبطال عقيدة المشيئة والإرادة الواحدة .
- تدمير سر الاعتراف وغفران الخطايا .
- إبطال ألوهية المسيح لصلبه وإهانته .
وهذه هى صفة الصلاة الواردة عن المسيح كما فى متى (6/9-15) : (9 «فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10 لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11 خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12 وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. 13 وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14 فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15 وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ.) .
وفى لوقا (11/2/4) : (2 فَقَالَ لَهُمْ:«مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ، لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ، لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 3 خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ، 4 وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا لأَنَّنَا نَحْنُ أَيْضًا نَغْفِرُ لِكُلِّ مَنْ يُذْنِبُ إِلَيْنَا، وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ».) .
وسنقف مع كل جزء من هذه الصلاة ونبين فساد المعتقد المسيحى على وفق ما جاء فى النص وقبل أن نقف مع تفاصيل النص نريد أن نقف على الإطار العام للنص والذى يدلل على العبودية فى أسمى معانيها متمثلة فى أعظم شعائرها وأقوى دلائلها وهى الصلاة ، سواء أكانت بمعناها اللغوى وهو الدعاء وحسب كما فى نصنا هذا ، أو بمعناها الاصطلاحى بما تحتوى عليه من حركات وهيئات والتى منها السجود كما فى نصوص أخرى – ستأتى - ، وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على خضوع يسوع التام والكامل لله تعالى وعجزه التام والكامل عن فعل أى شىء من تلقاء نفسه إلا بإذن الله تعالى كما يدل دلالة واضحة على انفصال طبيعة الابن عن طبيعة الآب ، وعلى تباين مشيئة الابن عن مشيئة الآب .
ومن ثم فإن كون يسوع كان يصلى لله تعالى فهذا يعنى أن يسوع ليس هو الله ، وأن يسوع ليس الإله المتجسد ( فهو ناسوت لم يحل فيه لاهوت ) ولو كان فيه الاهوت لما صلى له ؛ لأنه هو هو ، والذات لا توقع العبودية لذاتها ، لأنها تعنى التذلل والخضوع لآخر .
ومن النصوص الواردة فى صلاة يسوع وسجوده وخضوعه للآب ما جاء فى متى (26/36-46) وانظر أيضا مرقس (14/32-42) : (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ:«اجْلِسُوا ههُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». 37ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبْدِي، وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. 38فَقَالَ لَهُمْ:«نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ. اُمْكُثُوا ههُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي». 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». 40ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا، فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «أَهكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟ 41اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ». 42فَمَضَى أَيْضًا ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا، فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». 43ثُمَّ جَاءَ فَوَجَدَهُمْ أَيْضًا نِيَامًا، إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً. 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضًا وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ. 45ثُمَّ جَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ:«نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! هُوَذَا السَّاعَةُ قَدِ اقْتَرَبَتْ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ. 46قُومُوا نَنْطَلِقْ! هُوَذَا الَّذِي يُسَلِّمُني قَدِ اقْتَرَبَ!» ).
وفى لوقا أيضا (22/39-46) : (39وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلاَمِيذُهُ. 40وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ:«صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». 41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 45ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ. 46فَقَالَ لَهُمْ:«لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ») .
ومن هذه الصلوات التى كان يقيمها يسوع عند فعل المعجزات يتوجه إلى الله تعالى بالدعاء ففى متى (14/19) : (19فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْعُشْبِ. ثُمَّ أَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.) .
وفى مرقس (6/40-41) :( 40 فَاتَّكَأُوا صُفُوفًا صُفُوفًا: مِئَةً مِئَةً وَخَمْسِينَ خَمْسِينَ. 41 فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ، وَبَارَكَ ثُمَّ كَسَّرَ الأَرْغِفَةَ، وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا إِلَيْهِمْ، وَقَسَّمَ السَّمَكَتَيْنِ لِلْجَمِيعِ ) .
وفى لوقا (9/16) : (16فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَهُنَّ، ثُمَّ كَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ لِيُقَدِّمُوا لِلْجَمْعِ) .
وفى متى (15/35-36) : (35فَأَمَرَ الْجُمُوعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، 36وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَالسَّمَكَ، وَشَكَرَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْجَمْعَ) .
وفى مرقس (8/6-7) : (6 فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. 7 وَكَانَ مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هذِهِ أَيْضًا.)
وفى متى (26/ 26-27) : (26وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً:«اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ،).
وفى لوقا (24/30) : (30فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا،) .
وفى مرقس (14/22) : (22 وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ، أَخَذَ يَسُوعُ خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ، وَأَعْطَاهُمْ وَقَالَ:«خُذُوا كُلُوا، هذَا هُوَ جَسَدِي».) .
يوحنا (11/41) : (وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَالَ:«أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي) .
وقفات خمس مع الصلاة الربانية وتدمير معتقد النصراية :
الوقفة الأولى : (أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ) وإبطال كون المسيح هو الله أو أن الله تجسد فيه أو كان فى الأرض :
يقر السيد المسيح بأن الله الرب ( الآب ) فى السماوات وليس على الأرض ، ويدعو أتباعه أن يقروا بهذه الحقيقة ويجهروا بها فى صلواتهم بأن الله فى السموات ، لماذا ؟ لأن هذا مكان العزة والعظمة والملكوت العلو على مخلوقاته فى السماوات ، وليس يتساوى مع خلقه فيكون بينهم على الأرض بذاته وليس فى كل مكان فى الوجود بذاته فيقتضى أن يكون فيما ينزه العظيم أن يكون فيه من أماكن القاذورات والنجاسات ، وإن كان علمه قد أحاط بكل شىء ، فهو العلى فى دنوه وهو القريب فى علوه ، فهو علىٌّ بذاته مرتفع ، وقريب منا بعلمه وأحصى كل شىء عددا .
وهذا الذى ذكره السيد المسيح وأمر أتباعه بالإقرار به هو مقتضى الكمال لله تعالى ، فالله تعالى متصف بالكمال ومنزه عن النقص والعلو يقتضى الكمال والسفل يقتضى النقص فمخالطة الرب للبشر مما ينزه عنه أن يتساوى فى وجوده بوجودهم ،فإن التساوى فى الوجود يقتضى التشابه فى الصفات والقدرة ومساواة الرب بخلقه ومشابهته لهم باطل فبطل كون الرب وجد على الأرض ، فبطل كون المسيح هو الرب ، أو به تجسد الرب ( لأن الاهوت لم يفارق الناسوت ولو لحظة واحدة) .
كما يبطل قول من قال : أن الله موجود بذاته فى كل مكان ؛ لأنه تعالى لو لم يكن فى السماء وكان فى كل مكان للزم أن يكون تحت الأرض التى تكوت السماء فوقها ، وإذا كان تحت الأرض والأرض فوقه والسماء فوق الأرض ، ففى هذا ما يلزم أن يقال : أن الله تحت التحت والأشياء فوقه وأنه فوق الفوق والأشياء تحته ، وهذا يوجب أنه تحت ما فوقه وفوق ما تحته ، وهذا هو التناقض بعينه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا .
بل وبعيدا عن فلسفتنا وتفلسفنا هذا أقول لكل إنسان مسلم أم مسيحى عاقل أم أبله : ماذا تستشعر عند دعائك الرب الإله ؟ أين تكون قبلتك عند دعائك ؟ وأين تتوجه بقلبك وفؤادك ؟ وماذا تستشعر فى نفسك ؟
لا شك إجابتك الفطرية تقول : أننى أجد الضرورة الملحة فى نفسى توجهنى نحو السماء وأجد قلبى معلقا فى السماء وأجد تعظيمى للرب موجها نحو السماء .
وهذا المعتقد القويم فى أن الله الرب فى السماء كان السيد المسيح يعلمه لأتباعه دائما كى يرسخ هذا المعتقد فى نفوسهم ولا يتأثروا بلوثات المعتقدات الفاسدة ففى متى (23/9) يقول لتلاميذه وللناس جميعا : (9 وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) .
فالله الرب واحد فى ذاته غير مثلث فى الأقانيم ولا متعدد فى الذات فيكون له ناسوت على الأرض ولاهوت فى السماء ، كلا ، هو واحد وفى السماء وينهاهم عن دعوة أحد على الأرض أبا لأن الآب واحد فقط فى ذاته غير متعدد ، فما له من اعتقاد قويم ومنهج سليم فى ترسيخ المعتقد فيا ليت القوم يؤمنون .
هذا وقد تواترت النصوص فى إثبات أن الله فى السماوات فى العهدين القديم والجديد :
ففى المزامير( 103/ 19 ) : (19 اَلرَّبُّ فِي السَّمَاوَاتِ ثَبَّتَ كُرْسِيَّهُ، وَمَمْلَكَتُهُ عَلَى الْكُلِّ تَسُودُ.) .
وفى المزامير( 113 / 4- 6 ) : (4 الرَّبُّ عَال فَوْقَ كُلِّ الأُمَمِ. فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مَجْدُهُ. 5 مَنْ مِثْلُ الرَّبِّ إِلهِنَا السَّاكِنِ فِي الأَعَالِي ؟ 6 النَّاظِرِ الأَسَافِلَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ،) .
وفى المزامير (123/9 ): (1 إِلَيْكَ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ يَا سَاكِنًا فِي السَّمَاوَاتِ) .
وفى الجامعة (5/2) : (2 لاَ تَسْتَعْجِلْ فَمَكَ وَلاَ يُسْرِعْ قَلْبُكَ إِلَى نُطْقِ كَلاَمٍ قُدَّامَ اللهِ، لأَنَّ اللهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَأَنْتَ عَلَى الأَرْضِ، فَلِذلِكَ لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً) .
وفى مراثى إرميا (3/41) : (41 لِنَرْفَعْ قُلُوبَنَا وَأَيْدِيَنَا إِلَى اللهِ فِي السَّمَاوَاتِ ) .
وفى دانيال (2/28 ) : (. 28 لكِنْ يُوجَدُ إِلهٌ فِي السَّمَاوَاتِ كَاشِفُ الأَسْرَارِ) .
وفى الملوك الأول (8/39) : (39 فَاسْمَعْ أَنْتَ مِنَ السَّمَاءِ مَكَانِ سُكْنَاكَ) .
بل أنظر إلى قول سليمان عند مخاطبته الرب كما فى الملوك الأول (8/27) : (27 هَلْ يَسْكُنُ اللهُ حَقًّا عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، فَكَمْ بِالأَقَلِّ هذَا الْبَيْتُ الَّذِي بَنَيْتُ؟ ) .
بل لقد قرر وكرر السيد المسيح غير ما مرة فى الأناجيل أن الله تعالى فى السماوات وكان كثيرا ما يخاطب تلاميذه عن الآب – الله – ويقول بصيغة المتكلم : أبى الذى فى السماوات ، وبصيغة المخاطب أباكم الذى فى السماوات ومن ذلك :
ففى متى (7/21 ) : (21 «لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ).
وفى متى (10/32-33 ) : (32 فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، 33 وَلكِنْ مَنْ يُنْكِرُني قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضًا قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ) .
وفى متى (12/ 50 ) : (50 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) .
وفى متى ( 16/17) : (17 فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.).
وفى متى (18/10) : (10 «اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.).
وفى متى (7/11) : (11 فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!) .

وفى مرقص (11/25-26 ): (25 وَمَتَى وَقَفْتُمْ تُصَلُّونَ، فَاغْفِرُوا إِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ، لِكَيْ يَغْفِرَ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ زَّلاَتِكُمْ. 26 وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا أَنْتُمْ لاَ يَغْفِرْ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ.).
وفى متى (5/16) : (16 فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.).
وفى متى (5/45) : (45 لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ) .
متى (5/48) : (48 فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ.).
متى( 6/1) : (1 «اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.).
متى( 7/11) : (11 فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ!) .
وفى متى (18/14) : (14 هكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ.) .
وفى متى (18/19) : (19 وَأَقُولُ لَكُمْ أَيْضًا: إِنِ اتَّفَقَ اثْنَانِ مِنْكُمْ عَلَى الأَرْضِ فِي أَيِّ شَيْءٍ يَطْلُبَانِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُمَا مِنْ قِبَلِ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ،) .
ففى متى( 6/26) : (26 اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟) .
وفى متى( 15/13): (13 فَأَجَابَ وَقَالَ:«كُلُّ غَرْسٍ لَمْ يَغْرِسْهُ أَبِي السَّمَاوِيُّ يُقْلَعُ.).
وفى متى( 18/35): (35 فَهكَذَا أَبِي السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَّلاَتِهِ».).
وفى متى (6/32) : (32 فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا.).
بل ومما يبطل كون المسيح هو الله أو هو الناسوت الذى تجسد فيه الاهوت أن الله تعالى لم يره أحد قط ولم يسمع أحد صوته ، بل ولا يستطيع أحد أن يرى الله ويعيش ومن المعلوم أن المسيح كان يسير على الأرض ورآه البر والفاجر وسمعه الناس جميعا وعاشوا بعد رؤيته . يقول بولس فى الرسالة الأولى إلى تيموثاوس (6/15-16) : (الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16 الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.) .
وفى يوحنا (1/18) : (18 اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ ) .
وفى رسالة يوحنا الأولى( 4/12 ): (12 اَللهُ لَمْ يَنْظُرْهُ أَحَدٌ قَطُّ.).
وفى يوحنا( 5/37) : (37 وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَهُ قَطُّ، وَلاَ أَبْصَرْتُمْ هَيْئَتَهُ ) .
وفى الخروج (33/20) : ( 20 «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ». ).
وبعد أن أثبتنا أن الله فى السماوات ، وأن الله لم يره أحد قط ، وبما أن الاهوت لم ينفصل عن الناسوت طرفة عين ولا لحظة واحدة ، فإن أى زعم بأن أحدا كان على الأرض هو الله أو صورته المتجسدة زعم باطل ؛ لأنه ليس مثل الله تعالى على الأرض ولا فى أى مكان .
ففى الخروج (9/13-14 ) : ( 13 ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «بَكِّرْ فِي الصَّبَاحِ وَقِفْ أَمَامَ فِرْعَوْنَ وَقُلْ لَهُ: هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ الْعِبْرَانِيِّينَ: أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي. 14 لأَنِّي هذِهِ الْمَرَّةَ أُرْسِلُ جَمِيعَ ضَرَبَاتِي إِلَى قَلْبِكَ وَعَلَى عَبِيدِكَ وَشَعْبِكَ، لِكَيْ تَعْرِفَ أَنْ لَيْسَ مِثْلِي فِي كُلِّ الأَرْضِ. ) .
وفى الخروج( 8/10): (10 فَقَالَ: «غَدًا». فَقَالَ: «كَقَوْلِكَ. لِكَيْ تَعْرِفَ أَنْ لَيْسَ مِثْلُ الرَّبِّ إِلهِنَا.).
وفى التثنية (33/26) : (26 «لَيْسَ مِثْلَ اللهِ يَا يَشُورُونُ. يَرْكَبُ السَّمَاءَ فِي مَعُونَتِكَ، وَالْغَمَامَ فِي عَظَمَتِهِ).
وفى صموئيل الثانى (7/22 ): (22 لِذلِكَ قَدْ عَظُمْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلَيْسَ إِلهٌ غَيْرَكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا ).
وفى أخبار الأيام الأول( 17 /20) : (20 يَا رَبُّ، لَيْسَ مِثْلُكَ وَلاَ إِلهَ غَيْرُكَ حَسَبَ كُلِّ مَا سَمِعْنَاهُ بِآذَانِنَا.) .
وفى إشعياء( 46/9) : (9 اُذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ، لأَنِّي أَنَا اللهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الإِلهُ وَلَيْسَ مِثْلِي.).
وبعد فقد ظهر لنا جليا بقول السيد المسيح (أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ) بطلان الاعتقاد بألوهية المسيح لكون الله فى السماوات وأنه لم يره أحد قط ولم يسمع صوته أحد قط – حسب الكتاب المقدس – وأنه ليس مثله أحد ، وهو ما لا ينطبق على المسيح لا سيما فى المثلية أيضا ؛ لأن المسيح مثل موسى حسب تفسير علماء المسيحية لما جاء فى التثنية (18/18) : (18 أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ.) .
والمسيح مثل موسى
والله ليس مثله أحد
إذا المسيح ليس الله
وفى يوحنا (17/4) يقول المسيح للآب : (4 أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.) .
وقارن بين هذا القول ( أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ) ، وبين (أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ) .
فالقضية الأولى تقول المسيح على الأرض وعليها مجد الآب ( أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ) .
والقضية الثانية تقول الآب فى السماوات (أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ) .
فالنتيجة إذا الآب ( الله ) ليس المسيح .

الوقفة الثانية : (لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ ) وإثبات تحريف الكتاب المقدس الذى يهين الرب ويهين اسمه القدوس :
يدعو السيد المسيح لتقديس الرب وتنزيهه عن كل نقص وما لا يليق به وهو ما يتنافى مع ما جاء بالكتاب المقدس الذى يهين الرب ويصفه بما لا يليق به بل قد شبه الكتاب المقدس الرب بأنواع الحيوانات والحشرات والطيور والجمادات والتى لا يجوز تشبيه بشر بها فضلا عن الرب الإله مما يعد إهانة صريحة للرب وهو ما يناقض قول المسيح ( لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ ) ، وإذا جاء فى كتاب عظيم من عند عظيم فلا بد أن يجل هذا الكتاب العظيمُ العظيمَ وهو ما قاله السيد المسيح (لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ ) وإذا جاء ما يعارض ذلك من تحقير العظيم وإهانته فهذا يعنى أنه ليس من عنده لأنه يستحال أن يزدرى نفسه ، وللنظر إلى هذه التشبيهات ولنحكم هل فيها تقديس لاسم الرب.
تشبيه الرب بالدجاجة (الفرخة) : ففى متى (23/37) : (37«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا!) .
وهذا التشبيه لا يليق بالله تعالى .
تشبيه الرب بالجندب ( الجراد ) : ففى إشعياء (40/22) : (22الْجَالِسُ عَلَى كُرَةِ الأَرْضِ وَسُكَّانُهَا كَالْجُنْدُبِ. الَّذِي يَنْشُرُ السَّمَاوَاتِ كَسَرَادِقَ، وَيَبْسُطُهَا كَخَيْمَةٍ لِلسَّكَنِ.) .
وهذا التشبيه لا يليق بالله تعالى أن يشبه بحشرة كالجندب .
تشبيه الرب الرب بالعث ( نوع من الحشرات ) والسوس : ففى هوشع (5/12) : (12فَأَنَا لأَفْرَايِمَ كَالْعُثِّ، وَلِبَيْتِ يَهُوذَا كَالسُّوسِ.) .
تشبيه الرب بالأسد وشبل الأسد : ففى هوشع ( 5/14) : (14لأَنِّي لأَفْرَايِمَ كَالأَسَدِ، وَلِبَيْتِ يَهُوذَا كَشِبْلِ الأَسَدِ. فَإِنِّي أَنَا أَفْتَرِسُ وَأَمْضِي وَآخُذُ وَلاَ مُنْقِذٌ ) .
وفى هوشع (11/10) : (10«وَرَاءَ الرَّبِّ يَمْشُونَ. كَأَسَدٍ يُزَمْجِرُ. فَإِنَّهُ يُزَمْجِرُ فَيُسْرِعُ الْبَنُونَ مِنَ الْبَحْرِ).
وهذا التشبيه لا يجوز فى حق الرب فإنه إن جاز فى حق البشر كتدليل على القوة إلا أنه فى حق الرب ممتنع لأن قوته لا حد لها ولا نظير ولا مثيل فكيف تشبه بحيوان كان مجيئه بقوله له كن ( مخلوقا ) فكان .
تشبيه الرب بالدبة واللبوة ( أنثى الأسد ) والنمر : ففى هوشع (13/7-8) : (7«فَأَكُونُ لَهُمْ كَأَسَدٍ. أَرْصُدُ عَلَى الطَّرِيقِ كَنَمِرٍ. 8أَصْدِمُهُمْ كَدُبَّةٍ مُثْكِل، وَأَشُقُّ شَغَافَ قَلْبِهِمْ، وَآكُلُهُمْ هُنَاكَ كَلَبْوَةٍ. يُمَزِّقُهُمْ وَحْشُ الْبَرِّيَّةِ).
وفى مراثى أرميا (3/10): (10هُوَ لِي دُبٌّ كَامِنٌ، أَسَدٌ فِي مَخَابِىءَ.) .
تعالى الله عن هذه الأوصاف الدنيئة علوا كبيرا وتقدست ذاته وأسماؤه وصفاته .
تشبيه الرب بالحمامة : ففى متى (3/16-17) : (16فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ اللهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، 17وَصَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلاً:« هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ».(.
تشبيه الرب بالخروف والشاة : ففى رؤيا يوحنا ( 17/14) : (14هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ».) .
وفى أعمال الرسل (8/32-35) : (32وَأَمَّا فَصْلُ الْكِتَابِ الَّذِي كَانَ يَقْرَأُهُ فَكَانَ هذَا:«مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ، وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 33فِي تَوَاضُعِهِ انْتُزِعَ قَضَاؤُهُ، وَجِيلُهُ مَنْ يُخْبِرُ بِهِ؟ لأَنَّ حَيَاتَهُ تُنْتَزَعُ مِنَ الأَرْضِ» 34فَأَجَابَ الْخَصِيُّ فِيلُبُّسَ وَقَالَ:«أَطْلُبُ إِلَيْكَ: عَنْ مَنْ يَقُولُ النَّبِيُّ هذَا؟ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْ وَاحِدٍ آخَرَ؟» 35فَفَتَحَ فِيلُبُّسُ فَاهُ وابْتَدَأَ مِنْ هذَا الْكِتَابِ فَبَشِّرَهُ بِيَسُوعَ.) .
وهل يتصور أن يوصف رب الأرباب بمثل هذا الوصف الشنيع أن يكون خروفا وشاة .
تشبيه الرب بالصخرة :ففى صموئيل 1 (2/1-2) : (1فَصَلَّتْ حَنَّةُ وَقَالَتْ: «فَرِحَ قَلْبِي بِالرَّبِّ. ارْتَفَعَ قَرْنِي بِالرَّبِّ. اتَّسَعَ فَمِي عَلَى أَعْدَائِي، لأَنِّي قَدِ ابْتَهَجْتُ بِخَلاَصِكَ. 2لَيْسَ قُدُّوسٌ مِثْلَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ لَيْسَ غَيْرَكَ، وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلهِنَا) .
تشبيه الرب بالنسر : ففى إرميا ( 48/40) : (40 لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَا هُوَ يَطِيرُ كَنَسْرٍ، وَيَبْسُطُ جَنَاحَيْهِ عَلَى مُوآبَ.) .
وبعد أن شاهدنا هذه النصوص الواضحة فى الصفاقة فى وصف الإله والتى تعارض تقديسه وإجلاله ، يثبت لنا جليا أنها ليست من عند الله ، وبما أنها ليست من عند الله وهى جزء من الكتاب المقدس فهو كله(معظمه) ليس من عند الله ، لأن ما ثبت يقينا تحريف بعضه ثبت يقينا الشك فى كله ، ولكننا نحتكم ونحتج بقول المسيح ( لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ ) لأن هذا ما يقتضيه العقل أن يمجد الله نفسه ويقدس اسمه .
الوقفة الثالثة : (لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ ) وإثبات نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :
بداية أحب أن أبين فى هذا المبحث عدة أمور منها :
1- معنى الملكوت .
2- أصل الحديث عن الملكوت .
3- من المقصود بالملكوت .
بداية المفهوم من الملكوت أو ملكوت السماوات أو ملكوت الله هو تحكيم شرع الله وأوامره فى الأرض فهو ملك الله وحكمه وشرعه الذى أمر به رسله وعباده أن يقوموا به ، ويطلق عليه أيضا الحياة الأبدية باعتباره الوسيلة الدنيوية للخلود الأخروى .
يقول دانيال كما فى دانيال (7/13-14) : (13 «كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. 14 فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.) .
ويقول أيضا فى دانيال (2/44) : (44 وَفِي أَيَّامِ هؤُلاَءِ الْمُلُوكِ، يُقِيمُ إِلهُ السَّمَاوَاتِ مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا، وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ، وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هذِهِ الْمَمَالِكِ، وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.) .
وكان السيد المسيح يبشر بملكوت السماوات ويأمر بنى إسرائيل بالتوبة وكان ذلك بعد مقتل يوحنا المعمدان (يحيى) كما فى متى (4/12،17) : (12 وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ أَنَّ يُوحَنَّا أُسْلِمَ، انْصَرَفَ إِلَى الْجَلِيلِ ....... 17 مِنْ ذلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ:«تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».) .
وكان يذهب فى كل مكان ويكرز ببشارة الملكوت كما فى متى (9/35) : (35 وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ ) .
وفى متى (4/23) : (23 وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ ) .
وهو نفس ما كان يبشر به يوحنا المعمدان أيضا فى نفس الوقت كما فى متى (3/1-2) : (1 وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2 قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ.) .
أما أصل الحديث عن الملكوت والتبشير به فهو رؤية النبى دانيال كما فى سفره (7/1-14) : (1 فِي السَّنَةِ الأُولَى لِبَيْلْشَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ، رَأَى دَانِيآلُ حُلْمًا وَرُؤَى رَأْسِهِ عَلَى فِرَاشِهِ. حِينَئِذٍ كَتَبَ الْحُلْمَ وَأَخْبَرَ بِرَأْسِ الْكَلاَمِ. 2 أَجَابَ دَانِيآلُ وَقَالَ: «كُنْتُ أَرَى فِي رُؤْيَايَ لَيْلاً وَإِذَا بِأَرْبَعِ رِيَاحِ السَّمَاءِ هَجَمَتْ عَلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ. 3 وَصَعِدَ مِنَ الْبَحْرِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ عَظِيمَةٍ، هذَا مُخَالِفٌ ذَاكَ. 4 الأَوَّلُ كَالأَسَدِ وَلَهُ جَنَاحَا نَسْرٍ. وَكُنْتُ أَنْظُرُ حَتَّى انْتَتَفَ جَنَاحَاهُ وَانْتَصَبَ عَنِ الأَرْضِ، وَأُوقِفَ عَلَى رِجْلَيْنِ كَإِنْسَانٍ، وَأُعْطِيَ قَلْبَ إِنْسَانٍ. 5 وَإِذَا بِحَيَوَانٍ آخَرَ ثَانٍ شَبِيهٍ بِالدُّبِّ، فَارْتَفَعَ عَلَى جَنْبٍ وَاحِدٍ وَفِي فَمِهِ ثَلاَثُ أَضْلُعٍ بَيْنَ أَسْنَانِهِ، فَقَالُوا لَهُ هكَذَا: قُمْ كُلْ لَحْمًا كَثِيرًا. 6 وَبَعْدَ هذَا كُنْتُ أَرَى وَإِذَا بِآخَرَ مِثْلِ النَّمِرِ وَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ أَرْبَعَةُ أَجْنِحَةِ طَائِرٍ. وَكَانَ لِلْحَيَوَانِ أَرْبَعَةُ رُؤُوسٍ، وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا. 7 بَعْدَ هذَا كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا بِحَيَوَانٍ رَابعٍ هَائِل وَقَوِيٍّ وَشَدِيدٍ جِدًّا، وَلَهُ أَسْنَانٌ مِنْ حَدِيدٍ كَبِيرَةٌ. أَكَلَ وَسَحَقَ وَدَاسَ الْبَاقِيَ بِرِجْلَيْهِ. وَكَانَ مُخَالِفًا لِكُلِّ الْحَيَوَانَاتِ الَّذِينَ قَبْلَهُ، وَلَهُ عَشَرَةُ قُرُونٍ. 8 كُنْتُ مُتَأَمِّلاً بِالْقُرُونِ، وَإِذَا بِقَرْنٍ آخَرَ صَغِيرٍ طَلَعَ بَيْنَهَا، وَقُلِعَتْ ثَلاَثَةٌ مِنَ الْقُرُونِ الأُولَى مِنْ قُدَّامِهِ، وَإِذَا بِعُيُونٍ كَعُيُونِ الإِنْسَانِ فِي هذَا الْقَرْنِ، وَفَمٍ مُتَكَلِّمٍ بِعَظَائِمَ. 9 كُنْتُ أَرَى أَنَّهُ وُضِعَتْ عُرُوشٌ، وَجَلَسَ الْقَدِيمُ الأَيَّامِ. لِبَاسُهُ أَبْيَضُ كَالثَّلْجِ، وَشَعْرُ رَأْسِهِ كَالصُّوفِ النَّقِيِّ، وَعَرْشُهُ لَهِيبُ نَارٍ، وَبَكَرَاتُهُ نَارٌ مُتَّقِدَةٌ. 10 نَهْرُ نَارٍ جَرَى وَخَرَجَ مِنْ قُدَّامِهِ. أُلُوفُ أُلُوفٍ تَخْدِمُهُ، وَرَبَوَاتُ رَبَوَاتٍ وُقُوفٌ قُدَّامَهُ. فَجَلَسَ الدِّينُ، وَفُتِحَتِ الأَسْفَارُ. 11 كُنْتُ أَنْظُرُ حِينَئِذٍ مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْكَلِمَاتِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الْقَرْنُ. كُنْتُ أَرَى إِلَى أَنْ قُتِلَ الْحَيَوَانُ وَهَلَكَ جِسْمُهُ وَدُفِعَ لِوَقِيدِ النَّارِ. 12 أَمَّا بَاقِي الْحَيَوَانَاتِ فَنُزِعَ عَنْهُمْ سُلْطَانُهُمْ، وَلكِنْ أُعْطُوا طُولَ حَيَاةٍ إِلَى زَمَانٍ وَوَقْتٍ.13 «كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. 14 فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.) .
فدانيال يخبر اليهود بأنه ستكون أربع ممالك يأتى بعضها إثر بعض 1- مملكة الكلدانيين . 2- ومملكة الفرس . 3- ومملكة اليونان . 4- ومملكة الرومان .
ثم بعد ذلك يأتى صاحب الملكوت ويقضى على مملكة الرومان وتخضع له كل الشعوب والأمم وملكه أبدى لا ينقرض .
ولكن يا ترى من هو صاحب الملكوت هذا ؟ والذى قضى على مملكة الرومان وخضعت له الشعوب والأمم .
يقول النصارى بأن صاحب الملكوت هو المسيح وأن ملكوته هذا ملكوت روحى وليس بمادى فهو سلطان على القلوب والأرواح لا على الأجساد .
ونحن نقول : بأن صاحب الملكوت هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو ملكوت مادى لا روحى ؛ إذ كيف يكون المسيح هو صاحب الملكوت وهو الذى بشر باقترابه ؟، بل ونبى آخر معاصر له وهو يوحنا المعمدان ، فلو كان هو صاحب الملكوت لقال لهم توبوا فقد أتى الملكوت ولم يأمرهم أن يقولوا فى صلاتهم (لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ ) وهو متحقق بل كان يعلم أو ينبغى أنه كان يعلم أنهم سيظلون يرددون ذلك بعد موته أبد الدهر!! وكذا ما كان ينبغى أن يفعله يوحنا ، إذا من صاحب الملكوت آالذى قال (لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ ) أم الذى قال ( لا نبى بعدى ) ، ( وأنا خاتم النبيين) ؟ .
بل كيف يكون هو صاحب الملكوت الذى قضى على الرومان وهو الذى خضع لهم ودفع الجزية وعندما سأله الفريسيون : أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟ فَقَالَ لَهُمْ:«أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ للهِ».أنظر متى (17/15-22) ، ومرقص (12/13-17) ، ولوقا (20/20-25) .
مع أنه معلوم من الذى قضى على دولة الرومان وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ثم بعد ذلك كيف يكون المقصود بالملكوت ملكوتا روحيا وهو فى معرض الحديث عن أربع ممالك أرضية الكلدان والفرس واليونان والرومان يقضى صاحب الملكوت على الأخيرة ويكون له الحكم الأبدى ؟ فإما أن تكون الممالك الأربع روحية كالملكوت الروحى وهو ما لم يقل به أحد ، وإما أن يكون الملكوت أرضيا مثلها وهو الحق الذى لا مرية فيه فالسلطان الغالب لا بد أن يكون من جنس المغلوب ،والمتدبر للأمثال التى ضربها المسيح لهم يتبين له ذلك ، ثم كيف يكون المسيح هو صاحب الملكوت وقد قتل – على زعمكم – ورفع ؟ وصاحب الملكوت كما وصف (سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.) ، و(مَمْلَكَةً لَنْ تَنْقَرِضَ أَبَدًا، وَمَلِكُهَا لاَ يُتْرَكُ لِشَعْبٍ آخَرَ، وَتَسْحَقُ وَتُفْنِي كُلَّ هذِهِ الْمَمَالِكِ، وَهِيَ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.) .

بل لقد بين الملاك لمريم أن ملك يسوع أرضى كملك داود قائلا كما فى لوقا (1/32-33) : (وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، 33وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ ) ، فهل كان ملك داود روحى ؟
فكيف يكون المسيح صاحب الملكوت – وقد تبين لنا أنه أرضى – وهناك فجوة بين مجيئه الأول والثانى ؛ مما يعنى أنه سيكمل ملكوته فى السماوات بين الفترتين وهو ما لا يتفق مع النبوءة ورؤية دانيال ، بما لا يدع مجالا للشك فى أن المراد من صاحب الملكوت الأبدى والذى لا ينقرض هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
ثم أقول : أن النصارى قد اختلفوا فى بدء الملكوت على رأيين :
الأول أنه بدأ منذ دعوته إلى رفعه ثم سيكمله بعد مجيئه الثانى .
والقول الثانى : أن ملكوت السماوات بدأ من اليوم الخمسين بعد الرفع .
ونحن نقول لكلا الفريقين وماذا عن فترة بعد الرفع ، أين الملكوت فيها؟ ونقول للفريق الأول وماذا عن فترة ما بعد الرفع إلى مجيئه الثانى ؟ أين الملكوت فيها ؟ ونقول للفريق الثانى خصوصا وماذا عن الذين آمنوا بالمسيح قبل اليوم الخمسين ليسوا من أهل الملكوت ؟ ونقول لمن يؤمن بأنه ملكوت أرضى أين هو ذاكم الملكوت ونحن المسلمين لنا الملكة والسيادة عليكم ؟
الوقفة الرابعة : (لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ ) وإبطال عقيدة المشيئة والإرادة الواحدة :
بداية نحب أن نعرف على عجالة مذاهب النصارى فى مشيئة المسيح حتى نخضع هذا الاعتقاد للنص الذى معنا ، فنقول : انقسم النصارى فى طبيعة المسيح هل له طبيعة واحدة أم طبيعتان ؟ وهذا لا يعنينا تفصيله هنا ولكن يكفينا ما ترتب عليه من التباين فى أمر المشيئة والإرادة ، فذهب الأرثوذكس إلى أن للمسيح طبيعة واحدة و مشيئة واحدة ، وذهب الكاثوليك إلى أنه له طبيعيتين و مشيئتين، وانقسم المارون عنهم وقالوا بأن له طبيعيتين و مشيئة واحدة.
والنص الذى معنا يظهر عن جلاء بطلان مذهب الأرثوذكس القائل بالمشيئة الواحدة (لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ ) والذى يقتضى : التى تخالف مشيئتى ، والتى تعنى أن للمسيح مشيئة وللرب مشيئة ، وفى نفس الأمر لا يعنى صحة معتقد الكاثوليك فهم أظهر فى الضلالة فى قضية الألوهية فحسبهم إثبات الانفصال والتباين فى الطبيعتين الاهوتية والناسوتية والتى وحدها تكفى بطلانا لمعتقدهم ، وليس هذا محل تفصيل هذا الضلال فهو حقا محض انفصال وتباين مطلق لا اتحاد فيه.
ولكن حسبنا أن الكتاب المقدس تتضافر نصوصه مع نصنا هذا فى إثبات التباين بين المشيئتين والذى يعنى استقلالية كل مشيئة وصاحبها والتى يستحيل معها امكانية الحلول أو التجسد أو الاتحاد والاندماج ، ولا يغنى هنا هذه السفسطة التى تذهب إلى أن الطبيعتين بكامل صفاتها وخصائصها الطبيعية، متحدتان بدون اندماج ولا انفصال ويستمران فاعلين في المسيح والذى يعنى وجود المشيئتين من غير اندماج ولا انفصال ، وهذا من باب اجتماع النقيضين وهو باطل ، ومن باب الاسترسال فى إنشاء قضايا منطقية عقيمة بعيدة عن كل منطق ليخروج إلى نتائج تناقض مسلمات العقل وهى هى محض السفسطة .
وهاكم هذه النصوص التى تدلل على اختلاف المشيئتين والذى يبنى عليه اختلاف الفعلين أيضا :
ففى يوحنا (6/38) يقول : (38 لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) .
وفى يوحنا ( 5/30) : (30 أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) .
وفى متى (12/50) : (50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي». ) .
وفى مرقص (3/35) : (35 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».)
وفى يوحنا (4/34) : (34قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ) .
فالمسيح يباين بين مشيئته ومشيئة الآب وهذا واضح لا لبس فيه .
ويباين أيضا بين إرادته والتى تشمل المشيئة وبين إرادة الآب فيقول :
ففى متى (26/39) : (39 ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ، وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ».) .
وفى متى (7/21) : (لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ) .

وفى لوقا (22/42) : (42قَائِلاً:«يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ») .
ولا شك أن قول المسيح ولتكن مشيئتك يقصد النافذة فالمسيح لا شك شخص مغاير فى الطبيعة والجوهر للرب فلا بد أن تكون له مشيئة مستقلة والآب لا شك شخص مغاير فى الطبيعة والجوهر للابن فلا بد أن تكون له مشيئة مغايرة وإلا لما كان لوجودهما ضرورة أو احتياج وبما أنه قد لزم وجود اثنين لزم وجود طبيعتين وإذا ثبت وجود طبيعتين لزم وجود مشيئتين وإذا ثبت وجود المشيئتين لزم تباين الارادتين وإذا ثبت ذلك لزم اختلاف الفعلين وإذا ثبت ذلك لزم نفاذ أحدهما دون الآخر وهو ما قاله المسيح لتكن مشيئتك ، ومن هنا يبطل قول الأرثوذكس وطبيعي أنه مادامت الطبيعة واحدة، تكون المشيئة واحدة، وبالتالي يكون الفعل واحداً.
ومن هنا يبطل قول الكاثوليك أيضا بوجود الإرادتيين والمشيئتين والمقصود النافذتين ، وقد أثبتنا بلزوم نفاذ مشيئة واحدة وإرادة واحدة من طبيعة واحدة وهو ما يعنى بطلان قول المارون أيضا والله الموفق .

الوقفة الخامسة : (وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) ، (وَاغْفِرْ لَنَا خَطَايَانَا ) وتدمير سر الاعتراف وغفران الخطايا :
من أسرار الكنيسة السبعة سر الاعتراف وغفران الذنوب وهو يعنى أن يقوم كل فرد مسيحى ذكرا كان أم انثى بالاعتراف بما ارتكبه من ذنوب كائنا ما كانت فظاعتها بالغا ما بلغت شناعتها أمام الآب الكاهن ، ولا يصح أبدا بل ولا معترف به أصلا أن يتوجه الإنسان مباشرة للرب مقرا بذنوبه بينه وبين خالقه ، بلا لا بد من هتك ستر نفسه والبوح بذنبه أمام الكاهن الخاص به الذى هو عبد مثله والذى بدوره يقوم بغفران ذنوبه بعد اعترافه له ، والذى هو حقيقة فى أمس الحاجة لهذه المغفرة من خالقه بدلا من أن يمنح المغفرة – والتى لا يمتلكها - لغيره .
وتراهم يستدلون على هذا بما قاله يسوع لهم بعد موته وقيامته كما فى يوحنا (20/23) : (23مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ».) .
ومثل هذا النص لا وجود له فى الأصول اليونانية ، ولو وجد لتعارض مع نصنا هذا ولو تعارض يرجح ما قاله يسوع فى حياته وهو المؤكد لا ما قاله بعد موته فى قصص نسجت عليها الأراجيف والأساطير .
ولا شك أن القيام بتأسيس هذا المعتقد ليس الغرض من ورائه إلا الأثر المادى من جلب الأموال أو تثبت الملك الروحى على الأتباع .
وربما قد أحسن البروتستانت صتعا عندما رفضوا سر الاعتراف أمام الكاهن وعملوا بهذا النص الذى معنا وهو التوجه المباشر للرب والاعتراف أمامه وحده دون وسيط ، وهو ما يخالف ما ذهب إليه الكاثوليك والأرثوذكس .
إن هذا التعليم الجكيم من السيد المسيح لتلاميذه وأتباعه بأن يتوجهوا إلى الله تعالى وحده مباشرة دون وسيط عند اقتراف الذنوب والمعاصى يدمر سرا من أسرار الكنيسة وهو سر الاعتراف وغفران الخطايا كما أنه يقوم على ستر العبد مما اقترفه ويخلى بينه وبين ربه ، كما أنه يقوم على حفظ العبد من تأنيب الناس له أو فضحه وكشف ستره ، أو استعمالها كزلة يستخدم بسببها لعمل رذيلة ، أو تقاسم فاحشة .
الوقفة السادسة : (لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ ) و إبطال ألوهية المسيح لصلبه وإهانته :
بداية نحب أن نشير إلى أن هذه العبارة : (لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ ) جملة زائدة إلحاقية لا وجود لها في الأصول اليونانية المعول عليها ولكن يكفينا أنها موجودة فى الترجمات العربية المعتمدة لدى الكنائس وعلى رأسها الفاندايك وهو ما يكفينا فى إقامة الحجة عليهم بما يثبتونه فى كتبهم وما يؤمنون به لا ما أعترف أنا به .
هذه الجملة تبطل ألوهية يسوع ؛ لأنه لم يكن له ثمة ملك ولا قوة ولا مجد .
ويكفى فى إثبات عدم ملكه أنه عندما سأله بيلاطس قائلا : :«أنْتَ مَلِكُ الْيَهُودِ؟» كما فى يوحنا (18/33- 36) : (36أَجَابَ يَسُوعُ: «مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ. لَوْ كَانَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هذَا الْعَالَمِ، لَكَانَ خُدَّامِي يُجَاهِدُونَ لِكَيْ لاَ أُسَلَّمَ إِلَى الْيَهُودِ. وَلكِنِ الآنَ لَيْسَتْ مَمْلَكَتِي مِنْ هُنَا». ) .
فإذا كان لا يملك ما هاهنا فهل يمكن أن يملك ما هنالك ؟؟!
لذا عرف الشيطان هذا السر فأراد أن يهزأ به ليستخدمه لنفسه ، فأخذه وجربه وعرض عليه ممالك الدنيا وأمره بالسجود له كما فى متى (4 / 8-10) : (8ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَل عَال جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا، 9وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي».) .
وقصة تجربة الشيطان ليسوع تراها فى متى (4/1-11) وفى لوقا (4/1-13) ويشير إليها مرقص (1/12-13) .
ولا شك لو كان ليسوع سلطانا أو ملكا لما فكر الشيطان أصلا أن يقدم على هذا .
وأكثر من ذلك أيضا أن يسوع كان يدفع الجزية : ففى متى (17/24-27) : (24 وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرَنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا:«أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟» 25 قَالَ:«بَلَى». فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ سَبَقَهُ يَسُوعُ قَائِلاً:«مَاذَا تَظُنُّ يَا سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ، أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟» قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «مِنَ الأَجَانِبِ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«فَإِذًا الْبَنُونَ أَحْرَارٌ. 27 وَلكِنْ لِئَلاَّ نُعْثِرَهُمُ، اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً، وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا، وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَارًا، فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».) .
وعندما سأله الفريسيون : أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟ فَقَالَ لَهُمْ:«أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا ِللهِ للهِ».أنظر متى (17/15-22) ، ومرقص (12/13-17) ، ولوقا (20/20-25) .
بل يسوع يهرب لما علم أنهم سيجعلوه ملكا عليهم : كما فى يوحنا (6/15) : (15 وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا، انْصَرَفَ أَيْضًا إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ.) .
فهل مثل هذا يصح أن يقال عنه له الملك .. وإلى الأبد ؟!
وأما عن نفى القوة والمجد ليسوع فكفى بصلبه وموته وإهانته والاستهزاء به من قبل الجنود دلالة على ذلك وانظر إلى هذا بنفسك كما فى متى (27 /27-31) ، وانظر مرقس أيضا (15/16-20) : (27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ، 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيًّا، 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ، وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ:«السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ، وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ، نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ، وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ.) .
بل أنظر إلى استهزاء الحراس له كما فى لوقا (22/ 63-65) : (63وَالرِّجَالُ الَّذِينَ كَانُوا ضَابِطِينَ يَسُوعَ كَانُوا يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَهُمْ يَجْلِدُونَهُ، 64وَغَطَّوْهُ وَكَانُوا يَضْرِبُونَ وَجْهَهُ وَيَسْأَلُونَهُ قَائِلِينَ:«تَنَبَّأْ! مَنْ هُوَ الَّذِي ضَرَبَكَ؟» 65وَأَشْيَاءَ أُخَرَ كَثِيرَةً كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ مُجَدِّفِينَ.).
فهل مثل هذا يقال بأن له القوة والمجد .. وإلى الأبد ؟!
وبعد فالحمد لله الذى بمنته تتم الصالحات ، وصلى اللهم وسلم على نبيا محمد وآله .

السبت، 10 يوليو 2010

صراع مع الذات .. أنا وأنا !!


كم مرة تجلس مع النفس وتحدثها وتحدثك ؟ وكم مرة يبلغ بك هذا الحديث مبلغ الشدة والعنفوان ؟ وإلى أى درجة من الشد والجذب يصل بك هذا العراك الكمونى ؟ وكأنه يدور بين أنا وآخر ،أو بين ذات وعدوها !
إنها وقائع وتجارب ملموسة ومحسوسة ، قد تكون مررت بها ، أو تمر بها ، أو لا محالة ستمر بها .
ولا غرو من ذلك ففى خضم هذا الاختلاط بواقع الناس ، وبحكم هذا المحك بغدر هذا وخيانة ذاك ، قد تجلس مع نفسك وتقول أحق هذا قد وقع لى وحدث معى ومر بى ؟ فتصيبك الدهشة ويحيط بك الذهول من هول ما تصادمت به أو تصادم بك !
ما أشأمها من لاحظات تمر على المرء يشعر بها برزء قد وقع به ، وهل ينسى المرء شعور الألم بما ألم به فى ساعة من دهره ؟ قد يكون ولكن الأشد على النفس لا وقوع المصائب ولكن الشعور بها والاسترسال فى التفكر فيها.
عندما يتذكر الإنسان ويفكر ويشرد فى المخيلة وينبض قلبه ويفور دمه وتنتفخ أوداجه ويثور ويفور ويسترجع ذاكرة الماضى ويغيب عقله عن متلمسات الحاضر أو واقع المستقبل ساعتئذ لا يأبه بكل ما يملك بالفعل أمام طيف استحضره من ماضى تليد ما أفزعه من موقف ؟ ما أبشعه من عمل ؟ ما أفظعه من فعل ؟ ما أشنعه ؟ ما أهوله ؟ ما أذهله ؟ ما أشده ؟ ما أصعبه ؟.
ولما العحب ألم تصبك الدهشة يوما ما ، فوجدت أمامك سدا منيعا وحاجزا قويا يقف حائلا بينك وبين الدنيا وما فيها ومن عليها ، وكأن كل شىء قد اختزل بما هو جائل فى شعورك شارد فى مخيلتك ، بين جنباتك لا يتعدى ، إلا ما تمخض من طيف هذا التفكر وحسب .
ولكن أقولها لك :اعلم أن بقاء الدنيا غير متوقف عليك ، فمهما ثم مهما بلغ بك المبلغ من الشدة والحزن أو الغم والكرب ثم ذهبت زاعما للقضاء على هذا بالقضاء على نفسك ففناؤك ليس فناء للعالم ولكن ضيره لا يتعداك وحدك ، وكم وكم من غيرك مر بما مررت به فأخطأ البعض وحكم على نفسه بالفناء العاجل وتعقل البعض ووقف وقفة المتريث الحصيف وعلم أن غيره من قبل مر بمثل حاله وانقضى أمره بما قضى به ربه ، وهكذا الدنيا أفراح وأتراح يعطى لهذا منها ما منع من ذاك ، ويمنع من هذا ليعطى ذاك ليكون هناك ذاك وذاك وهاك وهاك وأنا وإياك .
بعد هذا وتدبره رأيت النفس رجعت إلى الذات وعقدت المصالحة بعد أن عقلت أن خصومة هذا الصراع محتومة ولا بد خسارتها واقعة عليها ، وأن هذه الحرب لم تكن تتعد الأنا ولم يكن ثمة طرف آخر، وأيقنت النفس أنه بالتصالح يكون ثمة انتصارين : انتصار الأنا والأنا ولو قدر دوام هذا الصراع واستمرار ذاك العراك وبقاء هذه الخصومة لكن ثمة خسارتين : خسارة الأنا والأنا !!
ملاحظة : هناك نادرة فى قضية الذات وهى إمكانية أن تكون الذات ذوات والذوات ذات !! وذلك عند النصارى من حيث اتحاد أقنومية الآب الذى هو ذات مع أقنومية الابن الذى هو ذات مع أقنومية الروح القدس الذى هو ذات ، وهذه الذوات صارت ذاتا واحدة وطبيعة واحدة اتحدت بدون امتزاج ولا اختلاط ولا تغيير !! وفى نفس الأمر هى ذوات من حيث الواقع وتوزيع الأدوار !
والذى يعنينا أنه إذا حدث ثم صراع بين الآب والابن فهل يعتبر صراع بين الذات ونفسها أم بين الذات وذات أخرى ؟ إنها معضلة حقا عندما صلب الابن الذى هو الكلمة الذى هو يسوع هل الذى صلبه ليكفر الخطايا هو الآب الذى هو ذات غير هذه الذات المصلوبة ؟ أم هو نفسه ؟ أى هل المصلوب صلب نفسه ؟ أم أن صالبه هو صالب نفسه ؟ أى أن نفسه هى نفسه ؟ أم أن نفسه غير نفسه ؟ فهل هو هى ؟ أم غيرها ؟؟؟؟ مع العلم أن الاهوت لم يفارق الناسوت ولا لحظة واحدة ولا طرفة عين !!

الأحد، 4 يوليو 2010

قانون السببية وإثبات الربوبية



تمهيد وتوطئة:
كنت قد شرعت فى كتابة بحث فلسفى منذ بضعة أعوام ، ووضعت خطة له فى إثبات قانون السببية ، ولكننى لم أتمه ، وعلى طريقتى فى كتابة البحوث ، أننى أبدأ بكتابة المقدمة ثم أشرع فى صلب الكتاب ، على خلاف المعهود ، فكانت هذه المقدمة التمهيدية المبسطة لهذا البحث أنشره لعل فيه صغير فائدة ، ولعلنى أستأنف الكتابة فيه إن يسر الله تعالى ؛؛؛

لقد أصبحنا – الآن – نعيش فى زمن ملاحقة الزمن ومصارعته قبل أن يصارعنا فكان من نتاج ذاك هذا الكم الهائل من الإكتشافات والإختراعات ، وهذه الطفرة الكبيرة فى الجانب الكيفى ، والتقنية العلمية المذهلة – الرائعة والمروعة فى آنٍ – والتى نتج عنها فى بعض الأحيان من البعض نوع من الزهو والكبر ، الذى أدى بهم إلى الإلحاد والكفر بالله العلى العظيم ، إلا أن الحقيقة والحق كان يدعو إلى غير ما آل إليه الأمر ؛ لأن هؤلاء القوم جانب مشغلتهم وعامل بحثهم تأبى إلا أن تثبت كفرهم وضلالهم وسفاهة أحلامهم .
لقد شاهدنا فى هذا العصر – عصر الانفجارات العلمية – عصر التكنولوجيات المتطورة ، عصر اكتشاف الذرة ومفرداتها ، وأكثر من مجرة وما يسبح فيها ... إلخ
لقد شاهدنا معاقل الإلحاد تطل علينا مكشرة عن أنيابها ، وسمعنا أبواق الإلحاد فى أماكن بددا وبلاد عددا ، بغطرسة غير معهودة ومعاندة غير مسبوقة ، تستنكر الخالق المصور البارىء البديع .
مع أن هذه المعاقل الإلحادية – سبحان الله – بها المعامل التى تطعن فى عقيدتها ومعتقداتها الكفرية الشركية الإلحادية ، بنفس الأيادى : الكفرية – الشركية – الإلحادية . والتى اسميها : بمعامل الإيمان – أجل معامل الإيمان – الإيمان بإنتاج غير إيمانى بل يحاربه – إنهم يصطنعون الإيمان – إن صح التعبير – أو يصطنعون أسبابه الموجبه له بأيديهم ، مع عدم اعترافهم له ولا انتفاعهم به ، ولا اتخاذهم منه العبرة والعظة .
فما هذا الكون الفسيح الذى كلما اكتشفنا منه جزءا دلنا على أجزاء أخرى ( وإنا لموسعون ) ما هذا الفضاء الشاسع ، وهذه الكواكب السيارة ، والأقمار المنيرة ، والشموس المضيئة ، التى تسير بدقة وانتظام .
إننا لو نظرنا نظرة عميقة إلى الطبيعة لوجدنا بديع ما صنع البارىء ، فما من ظاهرة إلا أطل منها جمال الاتساق وتناسق التكرار ، ألا ترى الشمس ، وقد رفعت وجعلت الكواكب تدور حولها ( وكل فى فلك يسبحون ) لا تصادم ولا تقارب ولا ابتعاد ( لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار ) وهل لك أن تتصور محض تصور ، أو تتخيل محض خيال ، لو حدث تصادم أو تقارب أو تباعد ، فماذ كان يمكن أن يحدث ؟ ليس إلا الدمار والهلاك ؛ إما ليل سرمدى ، أو نهار أبدى ، إما صيف حار ، أو شتاء قارص قارس ، إما ظلام دامس فى ليل طامس ، أو نهار مضىء فى صباح لا يغيب ، وأنى لمعيشة أن تكون فى مثل هذه الحال فى أقل تقدير يمكن أن يحدث ، لو تخيل ارتطام أو تقارب أو تباعد . هذه الصورة التى أودعها الله المجموعة الشمسية ارتسمت فى أعين العلماء فتصوروها مكررة فى الكون بأجمعه ، مكررة فى كل كائن فى الوجود ، فى عالم الذرات كما هو الحال فى عالم المجرات .
وبيان ذلك وشاهده : أن الكون كله مكون من ذرات ، وهذه الذرات مكونة من جزيئات كهربائية منها السالبة ومنها الموجبة ، فالسالبة تسمى بالألكترون والموجبة تسمى بالبروتون ، وهناك جزء معتدل الشحنة يسمى بالنيترون ، ومن البروتون والنيترون تتكون نواة الذرة ، أما الألكترون فيمثل الكواكب السيارة لهذه النواة .
ولنا أن نربط حال الذرة بحال بعض كواكب المجرة بجامع حالة الاتساق المنتظم المتكرر فيهما : فمثلا الشمس يمكنها أن تعيش بغير كواكب ، ولكن الكواكب لا يمكنها أن تدور بغير الشمس .
والشمس مكونة من وحدات متماسكة تماسكاً شديداً ، وهى وحدات متساوية بعضها مكهرب والبعض الآخر غير مكهرب .
والشمس بلغة العلم تسمى نواة ، والكواكب تسمى إلكترونا ، والوحدة المكهربة تسمى بروتونا ، والوحدة غير المكهربة تسمى نيترونا ، والنواة بإلكتروناتها الدائرة تسمى الذرة .
ولك أن تتخيل أيضا محض تخيل لو حدث تصادم أو تقارب أو تباعد بين جزيئات الذرة ماذا يمكن أن يحدث ؟
لو كانت الالكترونات ملتصقة بالبروتونات داخل الذرة ، والذرات ملتصقة ببعضها بحيث تنعدم الفراغات ، لكانت الكرة الأرضية بحجم البيضة .
فانظر إلى وجه الشبه والاتساق والتناسق بين عالم الذرة وعالم المجرة ، انظر إلى الالكترونات التى تشكل الكواكب السيارة لنواة الذرة وهى تدور حولها بسرعة هائلة بحركة دائرية إهليلجية ، وبسبب هذه السرعة الهائلة فى حركة الألكترون يبقى الألكترون متحركا هذه الحركة ؛ إذ لولا هذا الدوران لجذبت كتلة النواة كتلة الالكترون ، وعندئذ يكون العجب إذ فى هذه الحالة يصبح جِرم كالكرة الأرضية فى حجم بيضة الدجاجة ، فالفراغ كبير جداً فى عالم الذرة ، فكتل الجزيئات لا تأخذ إلا حيزاً صغيراً جداً من فراغ الذرة الواسع ، وذلك أن البعد بين النواة والألكترونات الدائرة حولها كالبعد بين الشمس وكواكبها السيارة نسبياً .
فانظر إلى هذا الاتساق بين عالم الذرة وعالم المجرة ، وانظر إلى الوحدة فى هذا النظام التى تدل على الله الواحد الأحد ، إنها لوحدة تنطق بالتوحيد تدل على إله واحد وحد بين نظامها ، ما هذا ؟ : إن الالكترون يدور على عكس عقارب الساعة ، والأرض تدور على عكس عقارب الساعة ، والشمس تدور على عكس عقارب الساعة ، والكواكب السيارة تدور على عكس عقارب الساعة ، والقمر وكل الأقمار تدور على عكس عقارب الساعة ، والنجوم كلها تدور على عكس عقارب الساعة ، وجرتنا التى تضم بين أجزائها مجموعتنا الشمسية تدور على عكس عقارب الساعة ، والألكترون يدور على مدار بيضوى إهليلجى ، والأرض تدور حول الشمس على مدار بيضوى إهليلجى ، وكذلك الزهرة ونبتون والمشترى والكواكب السيارة ، ومحور الأرض مائل ، ومحور القمر مائل ، ومحور المريخ مائل ...ومحور الشمس مائل ، والعجيب أن النسبة بين النواة والكتروناتها كالنسبة بين الشمس وكواكبها السيارة .
إن مظاهر الطبيعة والحياة ، بل وكل شىء فى الوجود له دلالاته الخاصة التى تنطق بالتوحيد ، وتردد وتثبت وجود قوى عظمى تدير هذا الكون وتدبر شئونه من بعد أن أحكمه صنعة وأبدعه على نسقه المشاهد ... لا أنه يسير سيراً عشوائياً ، حقاً لمن يتفكر ، حقا لمن ينظر ، حقا لمن يشاهد ، حقا لمن يتأمل ؛ ليل داج ، ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحر ذات أمواج ، أفلا يدل كل ذلك على مبدع للكون على نسق مستقيم وقدر عظيم ؟ سبحانك ربى لا إله غيرك .
إلا أن الغباء والحماقة عندما تستحكم من أهلها ، تستفرز بلاهة لا حدود لها ، تؤدى إلى المعاطب التى تكسى صاحبها وتغرقه فيها ، وهذا ما شاهدناه من أرباب الإلحاد فبدلا من أن يجعلوا المادة تنطق وتقول : سبحان الله الخالق المبدع البارىء ، يستبدلون بالكلمة الأولى كلمة ( أنا ) ويجعلون المادة رغما عنها تقول : أنا الله الخالق ... وهذا محض حمق منهم ، فإنهم إذا اعتذروا منه بالعلم أضافوا إلى حمقهم جهلا ، فإذا أصروا على قولهم واعتذارهم ، زادوا على الجهل الحمق والغفلة .
لقد رأيت الناس فى نسبة الخلق والمخلوق إلى الخالق الخلاق من عدم النسبة أو الخطأ فيها والانحراف على ثلاث فرق :
الفريق الأول : قوم قد محقت عقولهم وطمست بتاتا ، وأنكروا مبدأ السببية من أصله ، إذا : فمن خلق الخلق ، وقدر لهم الأرزاق ، وقسم بينهم معيشتهم ، وأبدع الكون على ما هو مشاهد عليه وهو عليه حفيظ حافظ ، فيقولون : لا شىء ، إن الكون قد أوجد نفسه بنفسه ، أو قد وُجِدَ مصادفة ، محض مصادفة ، بدون سبب ولا مسبب ، فهو هكذا كان كما هو الآن كائن ، وهو يسير بلا قوة تحكمه ولا قانون يستحكمه ، وهكذا صيرورته وانتقاله من حال إلى حال بدون مدبر يدبره ولا مبدع أبدعه .
هذا هو حال فريق من الناس أنكروا السبب والمسبب معا ، ونحن من أجلهم نكتب هذا البحث الذى نمهد له هذا التمهيد الذى بين يدينا الآن .
أما الفريق الثانى فيقولون : هناك سبب وراء خلق السماوات والأرض وما فيهما ، ولكن لئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وما فيهما ليقولن : خلقتهن الطبيعة !!
فهؤلاء القوم قد أثبتوا السبب ، ولكنهم أخطأوا فى نسبة المسبب ، أثبتوا أن هذا الكون لا يسير بلا سببية ؛ لأن لكل سبب مسبب ، ولكل علة معلول ، ولكل حدث وحادثة محدث ، ( والبعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ) فمن الغباء والحماقة والنوق والبلاهة والسفاهة والنزق ، أن أرى بعرة وأقول هكذا هى وجدت أو هكذا هى أوجدت نفسها ، ووجودها ليس له سبب ولا مسبب ، لأن هذا معاندة ومكابرة وجحود واضح ؛ لكونها إفرازة من إفرازات البعير .
ومن المعاندة والجحود أيضا أن أجد أثرا لمسير وأقول هكذا طبعت على الأرض وهكذا هو وجودها ناشىء عن غير ما منشىء ، أو هى أوجدت نفسها بنفسها ؛ لأن هذه سفسطة لا تغنى عن إثبات أنها أثر لذا القدم المسير .
إذا من الحماقة أن يكون هذا الكون بكل ما فيه يسير هكذا اعتباطا بدون موجد له ومدبر لشئونه ، أليس كذلك ؟ كلا ، بل ليس غير ذلك .
ولكن لئن سألتهم من خلق الكون وما فيه ومن يدبر شئونه ، ويحدث إحداثاته ويغير ثوابته ، ويتبت متغيراته ؟ ليقولن : هى الطبيعة !!
فهؤلاء القوم – مع هذا – أحسن حالا من الفريق الأول ، وإن كانوا فى الكفر والضلال سواء ، بل فى الجنون ( والجنون فنون ) .
ولكن ... ، ولكنهم أحسن حالا ؛ لأنهم أرادوا أن يحافظوا على مسكة من عقولهم ، بأن أثبتوا قانون السببية على أصله ، ولكنهم أخطأوا وضلوا فى النسبة إلى المسبب .
إذا نحن نتفق مع الفريق الثانى فى إثبات السببية ، ونخالفهم فى المسبب ، فهم يقولون الطبيعة ، ونحن نقول : الله الواحد الأحد القاهر القهار .
والحقيقة أن مناقشة الطبيعيين لا تحتاج إلى ذاك البحث فى النقاش ، ولا إلى إيراد الكثير من الحجج وسبكها ، وتفنيد شبهاتهم ونسفها ؛ لأن حالهم عندى لا يقل عن حال الفريق الأول من طمس العقول وسفاهتها إلا قليلا ، وكما قلت : كلهم فى الجنون سواء إلا أن الجنون فنون ، وما علينا إلا تبيين الحق وإظهار الحقيقة لهم لعل ما هم فيه عن عطب لا معاندة ومكابرة ، لعل فساد عقولهم يئن إلى الصلاح أو تلين إلى الحق والفلاح .
فنقول لهم ماذا عن الطبيعة يا قوم : أهى الإله ، أهى الخالق ، أهى البارىء ، أهى المصور ، ثم أهى المدبر ، أهى الرازق ، أهى المعطى المانع ، أهى الضار النافع ، ... ، ...
تعالوا معى أيها العقلاء وقولوا لى : كيف خلقت الطبيعة هذا العالم وهذا الكون وهذه الحياة ؟
مثلا : أريد أن أفهم هذه الأرض التى نعيش عليها ، أليبست هى الطبيعة أو جزء من الطبيعة ؟
أجل هى كذلك .
حسنا . أريد أن أفهم كيف خلقت ، وكيف وجدت ، بل أريد أن أعرف من الذى خلقها وأوجدها ؟؟
أجيبوا : يقولون : الطبيعة .
حسنا . أوليست هذه الأرض هى نفسها الطبيعة ؟
أجل . إذا الأرض خلقت نفسها بنفسها ، فهى الخالق وهى المخلوق ، وهى الحادث وهى المحدث ، وذاك لا سبيل له إلا من طريقين كلاهما باطل :
1- إما أن تكون الأرض خلقت نفسها بنفسها بدون سبب ، وهذا باطل عندهم ؛ لأنهم يثبتون قانون السببية وإن أخطأوا وضلوا فى المسبب .
2- وإما أن تكون الأرض خلقت نفسها وهى المسبب قبل أن تخلق ، وعندما خلقت ووجدت كانت هى السبب ، وهذا لا سبيل له إلا من طريقين :
1- إما أنها كانت موجودة قبل أن توجد ، فأوجدت نفسها ، وهذا باطل ؛ لأنها لو كانت موجودة فإيجادها لنفسها تحصيل حاصل .
2- وإما أنها لم تكن موجودة وهذا لا سبيل له إلا من طريقين :
أ‌- إما أنها لم تكن موجودة ، فأوجدت نفسها ، وهذا يرجع إلى الأول ، أى فتكون هى الخالق والمخلوق فى آن ، وهذا باطل كما سبق .
ب‌- وإما أنها لم تكن موجودة ، فأوجدت غيرها ، وهذا هراء باطل أيضا ؛ إذ المعدوم لا يوجد ما كان معدوما مثله ، فيخرجه إلى حيز الوجود ؛ لأنه كان الأولى بالوجود وإيجاد نفسه من إيجاد غيره ، ولو أوجد نفسه فيرجع الأمر إلى ما سبق ... ، وهكذا ...
ومن هنا أيضا يكون السبب عين المسبب ، والمسبب هو نفس السبب ، ومن هنا لا نكف عن العجب لعدم معرفتنا لا للمسبب ولا للسبب !!
ومن هنا يظهر لك بيانا بطلان سببية الطبيعة ، ولكن هل لهم أن يقولوا : إن الطبيعة أوجد بعضها بعضا ، فمثلا : القمر أوجده الأرض ، والأرض أوجدتها الشمس ، والشمس أوجدها كذا ، وهكذا ...
إذا نقول لهم : فمن أوجد هذا ، فمن أوجد هذا ، إلى ما لا نهاية ، وستظل السلسلة تتسلسل إلى أبد الدهر ، إلا أن تقولوا : ما أوجد هذا ، ولا هذا ، ولا هذا ، ... إلا الله الواحد القهار المبدىء المعيد الأول الآخر .
وهذا هو ما يقوله الفريق الثالث : الذين يثبتون السبب وينسبون فعله إلى مسبب ، هذا المسبب هو الله الواحد الأحد ، والبداهة تقول : كل حادث لا بد له من محدث ، وكل وجود لا بد له من موجد ، وكل سبب لا بد له من مسبب .
وبعد : فكان هذا تمهيد لذا البحث التالى عن السببية ، ونحن فيه نثبت مبدأ السببية ونرد على إلحاد الفريق الأول من الماديين ، الذين ينكرون قانون السببية ، ونحن بإثباتنا لقانون السببية بشكله الكلى ودلالاته على ثبوت مسبب لهذا العالم ، فإنه يثبت بالضرورة الرد على الفريق الثانى من الطبيعيين الذين أثبتوا مبدأ السببية وأخطأوا فى نسبة الفاعل المسبب ، ولأن هذا القول فى حقيقته ينطوى على إنكار السببية لبطلان أن تكون الطبيعة سببا ومسببا .
وفى النهاية : أسأل المولى جل فى علاه أن يسدد طريقى ويوفقنى لإتمام هذا البحث ؛ فيكون سببا لأن يلمس قلبا مؤمنا فيزيده إيمانا ، أو يصادف عقلا حائرا فيكون له هدى وتبيانا ، أو يلقى نفسا لوامة فيكون لها برهانا ، أو يواجه نفسا أمارة فيكون عليها سلطانا .

الإمام أحمد ومحنته .. دروس وعبر


الله عز وجل يتكلم بصوت وحرف مسموع يسمعه لمن شاء متى شاء وأنى شاء ، وقد ثبتت له هذه الصفة الجليلة فى غير ما آية من كتابه وحديث من أحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم ، منها قوله تعالى : {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ }البقرة253 وقوله تعالى : { وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً }النساء164 وقوله تعالى : {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ }الأعراف143 وقوله تعالى : { وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ }الأعراف22 ، وعَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ » . أخرجه البخارى (7512) ومسلم (1016) والترمذى (2415) . فالله عز وجل يتكلم ومن كلامه الذى تكلم به القرآن الكريم المعجز ، إلا أن قوما مما يعملون العقول المحدودة ويردون النقول الثابتة ، لم يرضهم أن يثبتوا لله هذه الصفة الجليلة زعما منهم أنها تشبه البشر ، وما هذا منهم إلا محض جهالة أليس نفى هذه الصفة عن الله هى اثبات لضدها وهى الخرس ؟؟؟؟؟ فخرج هؤلاء القوم عن الجادة وزعموا أن القرآن الكريم ليس كلام تكلم الله به بل خلقه بأمره الإشارى .
وكان مبدأ هذه الفتنة لما تولى الخليفة العباسي المأمون الخلافة سنة193هـ ، فصار من أمره ما صار من ترجمة كتب اليونان وتقريب حاشية السوء أمثال أحمد بن أبي دؤاد ، فكان هذا الرجل يحسن له مقولة خلق القرآن ، ويدعوه إليها ، حتى استجاب المأمون لها .
وفي عام 212هـ فتح باب القول فيها ، وأعلن المناظرة عليها ، وأمر إسحاق بن إبراهيم وهو صاحب شرطة بغداد أن يمتحن سبعة من كبار العلماء في بغداد ، فأجاب هؤلاء تقية؛ إلا أحمد بن حنبل ، ومحمد بن نوح لم يستجيبا ولم يخنعا، فأمر المأمون بإحضارهما ، وكان الإمام أحمد في الطريق يسأل الله أن لا يرى وجه المأمون ، فمات المأمون وهما في الطريق سنة218هـ ، فرُدَّا إلى بغداد ، ومات محمد بن نوح في الطريق ، وبقي الإمام أحمد وحيداً ، ثم تولى المعتصم الخلافة سنة 218هـ ، وكان قد أوصاه أخوه المأمون أن يواصل أمر المحنة على القول بخلق القرآن ، وقد بلغ البلاء أشده في عصره ، فأمر بحبس الإمام أحمد وجلده ، ويروى عن الإمام أحمد أنه قال فى وصف رحلته إلى المعتصم مكبلاً بالحديد : << لم أستطع أن أمشى بأغلال الحديد فربطتها فى التكة وحملتها بيدى ثم جاءونى بدابة فحملت عليها فكدت أن أسقط على وجهى من ثقل القيود وليس معى أحد يمسكنى فسلم الله حتى جئنا دار المعتصم ...>> وكان المعتصم يبعث له من يناظره بأدلة عقلية ، وهو رابط الجأش يقول: أعطوني شيئاً من كتاب الله أوسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى أقول به، ولم يتغير رأيه ، وفي عام 220هـ أطلقه المعتصم ، ورفع عنه المحنة وعن غيره، وكان ذلك بعد فتنة عظيمة ومحنة جسيمة تعرض لها الإمام أحمد وسوف أذكر هذه الرواية العظيمة والرائعة التى تبين لنا هذا الخطب الجلل وهى واحدة من مناظراته ، وهى ما ذكرها القاضى أبى الحسين محمد بن أبى يعلى الفراء البغدادى الحنبلى فى طبقات الحنابلة ج1 ص 437 : 443 قال : << حدثنا أحمد بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النوسي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قال: حدثنا علي بن صالح المصري حدثنا سليمان بن عبد الله السجزي قال: أتيت إلى باب المعتصم وإذا الناس قد ازدحموا على بابه كيوم العيد فدخلت الدار فرأيت بساطا مبسوطا وكرسيا مطروحا فوقفت بإزاء الكرسي فبينما أنا قائم فإذا المعتصم قد أقبل فجلس على الكرسي ونزع نعله من رجله ووضع رجلا على رجل ثم قال: يحضر أحمد بن حنبل فأحضر فلما وقف بين يديه وسلم عليه قال: له يا أحمد تكلم ولا تخف فقال: أحمد والله يا أمير المؤمنين لقد دخلت عليك وما في قلبي مثقال حبة من الفزع فقال: له المعتصم ما تقول في القرآن فقال: كلام الله قديم غير مخلوق قال: الله عز وجل " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله " فقال: له عندك حجة غير هذا فقال: أحمد نعم يا أمير المؤمنين قول الله عز وجل " الرحمن علم القرآن " ولم يقل الرحمن خلق القرآن وقوله عز وجل " يس والقرآن الحكيم " ولم يقل يس والقرآن المخلوق فقال: المعتصم احبسوه فحبس وتفرق الناس فلما أصبحت قصدت الباب فأدخل الناس فدخلت معهم فأقبل المعتصم وجلس على كرسيه فقال: هاتوا أحمد بن حنبل فجيء به فلما أن وقف بين يديه قال: له المعتصم كيف كنت يا أحمد في محبسك البارحة فقال: بخير والحمد لله إلا أني رأيت يا أمير المؤمنين في محبسك أمراً عجبا قال: له وما رأيت قال: قمت في نصف الليل فتوضأت للصلاة وصليت ركعتين فقرأت في ركعة " الحمد لله " و " قل أعوذ برب الناس " وفي الثانية " الحمد لله " و " قل أعوذ برب الفلق " ثم جلست وتشهدت وسلمت ثم قمت فكبر قرأت " الحمد لله " وأردت أن أقرأ " قل هو الله أحد " فلم أقدر ثم اجتهدت أن أقرأ غير ذلك من القرآن فلم أقدر فمددت عيني في زاوية السجن فإذا القرآن مسجى ميتا فغسلته وكفنته وصليت عليه ودفنته فقال: له ويلك يا أحمد والقرآن يموت فقال: له أحمد فأنت كذا تقول إنه مخلوق وكل مخلوق يموت فقال: المعتصم قهرنا أحمد فهرنا أحمد فقال: ابن أبي داود وبشر المريسي اقتله حتى نستريح منه فقال: إني قد عاهدت الله أن لا أقتله بسيف ولا أمر بقتله بسيف فقال: له ابن أبي دؤاد اضربه بالسياط فقال: نعم ثم قال: أحضروا الجلادين فأحضروا فقال: المعتصم لواحد منهم بكم سوط تقتله فقال: بعشرة يا أمير المؤمنين فقال: خذه إليك قال: سليمان السجزي فأخرج أحمد بن حنبل من ثيابه وائتزر بمئزر من الصوف وشد في يديه حبلان جديدان وأخذ السوط في يده وقال أضربه يا أمير المؤمنين فقال: المعتصم اضرب فضربه سوطا فقال: أحمد الحمد لله وضربه ثانياً فقال: ما شاء الله كان فضربه ثالثاً فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فلما أراد أن يضربه السوط الرابع نظرت إلى المئزر من وسطه قد انحل ويريد أن يسقط فرفع رأسه نحو السماء وحرك شفتيه وإذا الأرض قد انشقت وخرج منها يدان فوزرتاه بقدرة الله عز وجل فلما أن نظر المعتصم إلى ذلك قال: خلوه فتقدم إليه ابن أبي دؤاد وقال له يا أحمد قل في أذني إن القرآن مخلوق حتى أخلصك من يد الخليفة فقال: له أحمد يابن أبي دؤاد قل في أذني إن القرآن كلام الله غير مخلوق حتى أخلصك من عذاب الله عز وجل فقال: المعتصم أدخلوه الحبس قال: سليمان فحمل إلى الحبس وانصرف الناس وانصرفت معهم فلما كان الغد أقبل الناس وأقبلت معهم فوقفت بإزاء الكرسي فخرج المعتصم وجلس على الكرسي وقال هاتوا أحمد بن حنبل فجيء به فلما وقف بين يديه قال: له المعتصم كيف كنت في محبسك الليلة يا ابن حنبل قال: كنت بخير والحمد لله فقال: يا أحمد إني رأيت البارحة رؤيا قال: وما رأيت يا أمير المؤمنين قال: رأيت في منامي كأن أسدين قد أقبلا إلي وأرادا أن يفترساني وإذا ملكان قد أقبلا ودفعاهما عني ودفعا إلي كتابا وقالا لي هذا المكتوب رؤيا رآها أحمد بن حنبل في محبسه فما الذي رأيت يا ابن حنبل فأقبل أحمد على المعتصم فقال: له يا أمير المؤمنين فالكتاب معك قال: نعم وقرأته لما أصبحت وفهمت ما فيه فقال: له أحمد يا أمير المؤمنين رأيت كأن القيامة قد قامت وكأن الله قد جمع الأولين والآخرين في صعيد واحد وهو يحاسبهم فبينما أنا قائم إذ نودي بي فقدمت حتى وقفت بين يدي الله عز وجل فقال: لي يا أحمد فيم ضربت فقلت: من جهة القرآن فقال: لي وما القرآن فقلت: كلامك اللهم لك فقال: لي من أين قلت: هذا فقلت: يا رب حدثني عبد الرزاق فنودي بعبد الرزاق فجيء به حتى أقيم بين يدي الله عز وجل فقال: له ما تقول في القرآن يا عبد الرزاق فقال: كلامك اللهم لك فقال: الله عز وجل من أين قلت: هذا فقال: حدثني معمر فنودي بمعمر فجيء به حتى أوقف بين يدي الله عز وجل فقال: الله عز وجل له ما تقول في القرآن يا معمر فقال: معمر كلامك اللهم لك فقال: له من أين قلت: هذا فقال: معمر حدثني الزهري فنودي بالزهري فجيء به حتى أوقف بين يدي الله عز وجل فقال: الله عز وجل له يا زهري ما تقول في القرآن فقال: الزهري كلامك اللهم لك فقال: يا زهري من أين لك هذا قال: حدثني عروة فجيء عروة فقال: ما تقول في القرآن فقال: كلامك اللهم لك فقال: له يا عروة من أين لك هذا فقال: حدثتني عائشة بنت أبي بكر الصديق فنوديت عائشة فجيء بها فوقفت بين يدي الله عز وجل فقال: الله عز وجل لها يا عائشة ما تقولين في القرآن فقالت كلامك اللهم لك فقال: الله عز وجل لها من أين لك هذا قالت حدثني نبيك محمد صلى الله عليه وسلم قال: فنودي بمحمد صلى الله عليه وسلم فجيء به فوقف بين يدي الله عز وجل فقال: الله عز وجل يا محمد ما تقول في القرآن فقال: له كلامك اللهم لك فقال: الله له من أين لك هذا فقال: النبي صلى الله عليه وسلم حدثني به جبريل فنودي بجبريل فجيء به حتى وقف بين يدي الله عز وجل فقال: له يا جبريل ما تقول في القرآن قال: كلامك اللهم لك فقال: الله تعالى له من أين لك هذا فقال: هكذا حدثنا إسرافيل فنودي بإسرافيل فجيء به حتى وقف بين يدي الله عز وجل فقال: الله سبحانه يا إسرافيل ما تقول في القرآن فقال: كلامك اللهم لك فقال: الله له ومن أين لك هذا فقال: إسرافيل رأيت ذلك في اللوح المحفوظ فجيء باللوح فوقف بين يدي الله عز وجل فقال: له أيها اللوح ما تقول في القرآن فقال: كلامك اللهم لك فقال الله تعالى له من أين لك هذا فقال: اللوح كذا جرى القلم علي فأتى بالقلم حتى وقف بين يدي الله عز وجل فقال: الله عز وجل له ياقلم ما تقول في القرآن فقال: القلم كلامك اللهم لك فقال: الله من أين لك هذا فقال: القلم أنت نظقت وأنا جريت فقال: الله عز وجل صدق القلم صدق اللوح صدق إسرافيل صدق جبريل صدق محمد صدقت عائشة صدق عروة صدق الزهري صدق معمر صدق عبد الرزاق صدق أحمد بن حنبل القرآن كلامي غير مخلوق.دق محمد صدقت عائشة صدق عروة صدق الزهري صدق معمر صدق عبد الرزاق صدق أحمد بن حنبل القرآن كلامي غير مخلوق. قال سليمان السجزي فوثب عند ذلك المعتصم فقال: صدقت يا ابن حنبل وتاب المعتصم وأمر بضرب رقبة بشر المريسي وابن أبي دؤاد وأكرم أحمد بن حنبل وخلع عليه فامتنع من ذلك فأمر به فحمل إلى بيته. >> .
الدروس المستفادة من هذه القصة :
1- أن صفة الكلام من الصفات الثابتة لله تعالى من الكتاب والسنة والإجماع من سلف الأمة ، وهى كلام حقيقى يليق بالله تعالى بحرف وصوت وكلمات مسموعة ، وهو سبحانه لم يزل ولا يزال متصفا بالكلام أزلا وأبدا ، وتكلمه وتكليمه بمشيئته وإرادته ، فيتكلم إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء ، بكلام يسمعه من يشاء وكلامه صفة لا غاية له ولا انتهاء وكلامه تعالى قديم النوع حادث الآحاد .
2- أن القرآن الكريم كلام الله تعالى به تكلم بصوت وحرف مسموع ، وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة ، بخلاف أهل الجهم والتعطيل ويلحق بهم الأشاعرة فى ذلك إذ الجهمية قد عطلوا الصفة شكلا ومضمونا والأشاعرة قد اثبتوها اسما بلا مضمون ، فهى عندهم كلام نفسى يعبر عنه بالكتابة والإشارة تعالى الله عن ذلك ، فهذا يقتضى اتصافه بالبكم والخرس ، وقد قال تعالى : { وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً }النساء164 وهم يقولون : لم يكلم الله موسى تكليما ، فأى ضلال بعد هذا الضلال وأى جحود بعد هذا الجحود والهذيان ؟؟ .
3- دور وزراء السوء وبطانة السوء على الراعى والرعية فى دينهم ودنياهم ولهذا عندما احتضن المأمون والمعتصم والواثق العباسيين بعض علماء السوء وقرَّبوهم إليهم، أمثال ابن أبي دؤاد وبشر المريسي أزاغوهم عن مذهب أهل السنة والجماعة ، وابتدعوا لهم مذهباً شيطانياً، مذهب الاعتزال، وزينوه لهم حتى تبنوه، وامتحنوا العلماء الأخيار والأئمة الكبار، وسجنوا وعذبوا وقتلوا بعض الأطهار ، أخرج البخارىَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلاَّ لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ » .
4- دور كتب الفلسفة اليونانية التى ترجمت على معتقد المسلمين ، فقد خلقت هذه الكتب واصطنعت ألوانا من المعتقدات الفاسدة كان لها الأثر السىء على معتقد المسلمين السليم وقد ظن مترجموها أنهم سيستخدمونها لنصرة الدين لمقارعة العدو بنفس سلاحه بالمنهج العقلى ، وأنا أشهد ما أصبوا إلى مرادهم بل كان حالهم كما وصفه شيخ الإسلام ( لا للإسلام نصروا ولا للفلاسفة كسروا ) فإن خير دليل فى أمور الإعتقاد ما كان متوقف على نص ، سيما الأمور الغيبية ، ثم بعد ذلك العقل الفطرى ، وما دون ذلك فهو خرط القتاد.
5- قوة استدلال الإمام بمفهوم النص وانتصاره على من اعتمد على مجرد محض العقل وهذا يبين صحة ما أسلفت .
6- بيان عظمة الإمام أحمد وثباته على الحق فقد كان كالطود الشامخ فى مهب تلك الفتن فلم تلن له قناة ولم تلوى له كلمة ، قال ابن المديني: (أعز الله هذا الدين برجلين ليس لهما ثالث: أبو بكر الصديق يوم الردة، وأحمد بن حنبل يوم المحنة ) .
7- أن على علماء الأمة الربانيين أن ينكروا المنكر ويسحقوا الباطل ، فإنهم القادة المتبعون بهم يهتدى الناس وعلى أثرهم يسيرون ، كما عليهم الثبات على الحق مهما كلفهم من إزهاق أرواحهم أو تعذيب أجسادهم .
8- ثبوت الكرامات لأولياء الله الصالحين وقد رأينا ما فعل الله مع الإمام أحمد وكيف استجاب دعاءه وخرجت يدان من الأرض وسترت عورته ، وكرامات الأولياء الحقة ثابتة فى القرآن وفى السنة الصحيحة ، منها ما حدث مع مريم عليها السلام ، وما حدث مع أصحاب الغار ، وجريج العابد ،.... وغيرها وهى لا شك بخلاف خزعبلات الصوفية التى يثبتونها لكل مجنون معتوه أو كافر زنديق مهبول.
هذا والله الهادى والموفق

بين إعجاز وعجز : القرآن الكريم والكتاب المقدس

القرآن الكريم معجزة الله الخالدة
أحق هذا القرآن الكريم هو معجزة خالدة ؟
أجل ، أليس هو الكتاب الوحيد الذى تكفل الله بحفظه ؟!
انتظر ، لى سؤال هنا .....؟
ماذا ؟
لماذا تزعم بأن القرآن الكريم هو كتاب الله الوحيد الذى تكفل الله بحفظه بيد أن الكتاب المقدس الذى هو كتاب الله أيضا لم يحفظه الله حسب زعمك كمسلم ؟
نعم ، أجيبك :
سوف أجيبك إجابة بسيطة ومن وجه واحد فقط ولا أزيد .
فأقول : أن القرآن الكريم قد أعلن الله تعالى حفظه كما أخبر فيه : [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] {الحجر:9}
ولم يرد فى القرآن الكريم ما يخالف ذلك مثلا : من القول بأن الله تعالى وكل أحدا لحفظه . أو مثلا ورد فيه ما يدل على تحريفه من القول بأن كُتابه بدلوا وغيروا فيه ، أو ما يدل على ذلك دلالة غير مباشرة من وجود تناقضات فيه .... الخ .
أما إذا جئنا للكتاب المقدس فماذا عنه هل تكفل الله بحفظه أم وكل به آخرين ؟
لقد أعلنت التوراة بكل وضوح أن اليهود سيفسدون ويقاومون الرب وكلامه ، فتقول : (24فَعِنْدَمَا كَمَّلَ مُوسَى كِتَابَةَ كَلِمَاتِ هذِهِ التَّوْرَاةِ فِي كِتَابٍ إِلَى تَمَامِهَا، 25أَمَرَ مُوسَى اللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ قَائِلاً: 26«خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِدًا عَلَيْكُمْ. 27لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلْبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ الْيَوْمَ، قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي!) ( تثنية 31/24-27).
ولعلم الله بضلال اليهود أمرهم بحفظ الكتاب وعدم تحريفه بزيادة ولا نقصان :
ففى سفر التثنية قال الرب : (1 فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ اسْمَعِ الْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَنَا أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْمَلُوهَا، لِكَيْ تَحْيَوْا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا الأَرْضَ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكُمْ يُعْطِيكُمْ. 2 لاَ تَزِيدُوا عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ، لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا) ( التثنية 4 / 1-2) .
وفي سفر التثنية يقول الرب : (32كُلُّ الْكَلاَمِ الَّذِي أُوصِيكُمْ بِهِ احْرِصُوا لِتَعْمَلُوهُ. لاَ تَزِدْ عَلَيْهِ وَلاَ تُنَقِّصْ مِنْهُ) ( التثنية 12 / 32) .
وجاء في سفر الأمثال: (5كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ. 6لاَ تَزِدْ عَلَى كَلِمَاتِهِ لِئَلاَّ يُوَبِّخَكَ فَتُكَذَّبَ.) ( الأمثال 30/ 5-6) .
إذا لم يتكفل الله تعالى بحفظ الكتاب المقدس كما تكفل بحفظ القرآن الكريم وهذا بدلالة كل كتاب وشهادته على نفسه .
ولكن هل نجد فى الكتاب المقدس مثلا ما يدل على أنه ليس كلام الله تعالى أو بوجه مباشر : هل يوجد فيه ما يدل على تحريفه ؟؟
الجواب : نعم يوجد ما يدل على ذلك :
فهذا كاتب سفر ارميا يعترف بأن اليهود حرفوا كلمة الله فيقول:
(36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ، لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا. ) ( إرميا 23 / 36 ) .
ونجد أيضاً أن كاتب سفر ارميا ينسب لإرميا توبيخه وتبكيته لليهود لقيامهم بتحريف كلمة الرب :(8كَيْفَ تَقُولُونَ: نَحْنُ حُكَمَاءُ وَشَرِيعَةُ الرَّبِّ مَعَنَا؟ حَقًّا إِنَّهُ إِلَى الْكَذِبِ حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ الْكَاذِبُ) (إرميا 8/8).
وكذا كاتب سفر إشعيا ينسب لإشعيا تبكيته لليهود : (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ، فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ، وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ) ( إشعيا 29 / 15 – 16) .
ويقول أرميا : (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ، لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا) ( أرميا 23/36).
وانظر إلى قول يسوع :(7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً:8 يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ ) ( متى 15 / 7-9) .
ويقول بطرس : (16كَمَا فِي الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هذِهِ الأُمُورِ، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ، كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ.) ( بطرس الثانية 3/16) .
ويقول لوقا معترفا بالتأليف الذى كان منتشرا وشائعا للأناجيل ، والذى حبذه هو أيضا لنفس العمل ، وهو تأليف إنجيله !!!! فيقول : (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. ) ( لوقا 1 / 1-4) .
إذا إن أول معجزة ممكن أن تسجل للقرآن الكريم هى حفظ الله تعالى له من التحريف والتبديل والتغيير .
وفى المقابل نعلم كوجه للمقارنة أن الكتاب المقدس الذى يشمل التوراة والإنجيل قد حرف وبدل وغير بشهادته على نفسه بذلك .
هذا وقد تنوعت معجزات القرآن الكريم وتحدث عنها المتقدمون والمتأخرون والتى منها :
الإعجاز اللغوى والبيانى
الإعجاز الغيبى والتاريخى
الإعجاز العددى
الإعجاز التشريعى
الإعجاز العلمى
ولكن حقا قبل الإشارة إلى ذلك نحب نذكر بشىء يميز ما بين القرآن الكريم والكتاب المقدس وهو فى عرض المعتقد والذى يتميز فى القرآن الكريم بالوضوح والظهور ، وفى الكتاب المقدس بالغموض والضمور .
فمثلا أهل القرآن يؤمنون بالتوحيد فإذا أحببت أن تدلل على ذلك فلك أن تسأل أصغر طفل من أهل الإسلام سيجيبك بكل سلاسة : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ(1) اللهُ الصَّمَدُ(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ4( { الإخلاص}.
وسأل أقل مسلم علما ولو كان أمى سيجيبك : [اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ] {البقرة:255} .
أما إذا أردت أن تعرف عقيدة التثليث للنصارى فاذهب إلى أعلم رجل منهم وأسأله أن يدلل لك عن معتقده من كتاب فلن يستطع أبدا .
إذا وضوح القرآن فى تبيين معتقده يعد إعجازا فى عرض المعتقد .
وإذا جئنا للإعجاز اللغوى والبيانى والبلاغى فى القرآن الكريم فالأمر أكبر من توضيحه فالقرآن الكريم كله قد تجلت فصاحته لكل قارىء للعربية والتى أرهقت البلاغة وأتعبت الفصحاء ، وكفى أنه نزل على أبلغ الناس وأفصحهم متحديا إياهم أن يأتوا بمثله ولو كنموذج فقط بالإتيان بآية .
أما الكتاب المقدس فإنك تجد أسلوبه أسلوب غير موزون ولفظه غير مصون يجمع من الركاكة ما يضحك البلهاء فكلام الصحفى تراه أبلغ وأسلوب الصبى تجده أفصح وأحكم ، ودونكم التدليل وهو يغنى عن التطويل .
فيقول بولس فى رسالته إلى أهل رومية (16/1-24) :(1أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي، الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا، 2كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ، وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ، لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا.3سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، 4اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي، اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ، 5وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي، الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. 6سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا. 7سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ، الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي، اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ، وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. 8سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. 9سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ، وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. 10سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ أَرِسْتُوبُولُوسَ. 11سَلِّمُوا عَلَى هِيرُودِيُونَ نَسِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ نَرْكِيسُّوسَ الْكَائِنِينَ فِي الرَّبِّ. 12سَلِّمُوا عَلَى تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ. 13سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ، وَعَلَى أُمِّهِ أُمِّي. 14سَلِّمُوا عَلَى أَسِينْكِرِيتُسَ، فِلِيغُونَ، هَرْمَاسَ، بَتْرُوبَاسَ، وَهَرْمِيسَ، وَعَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ. 15سَلِّمُوا عَلَى فِيلُولُوغُسَ وَجُولِيَا، وَنِيرِيُوسَ وَأُخْتِهِ، وَأُولُمْبَاسَ، وَعَلَى جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ مَعَهُمْ. 16سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ.17وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ، خِلاَفًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ. 18لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ. 19لأَنَّ طَاعَتَكُمْ ذَاعَتْ إِلَى الْجَمِيعِ، فَأَفْرَحُ أَنَا بِكُمْ، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ لِلْخَيْرِ وَبُسَطَاءَ لِلشَّرِّ. 20وَإِلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ.21يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسُ الْعَامِلُ مَعِي، وَلُوكِيُوسُ وَيَاسُونُ وَسُوسِيبَاتْرُسُ أَنْسِبَائِي. 22أَنَا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هذِهِ الرِّسَالَةِ، أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ. 23يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُسُ خَازِنُ الْمَدِينَةِ، وَكَوَارْتُسُ الأَخُ. 24نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ. ) .
ويقول بولس فى رسالته الأُولَى إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ (13/11-13):(11لَمَّا كُنْتُ طِفْلاً كَطِفْل كُنْتُ أَتَكَلَّمُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْطَنُ، وَكَطِفْل كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلاً أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ. 12فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ، فِي لُغْزٍ، لكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ، لكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ. 13أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ: الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ، هذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ.( .
فهل تستطيع أن تجد وجها للمقارنة بين هذا الكلام وبين القرآن الكريم المعجز في لفظه وفي معناه وفي فصاحته وفي بلاغته وفي أسلوبه ونظمه ، هيهات .
وإذا جئنا للإعجاز العددى فى القرآن الكريم نجد فيه العجب العجاب الذى حقا يجعله حجة على العالمين فى كل زمان ومكان حتى فى عصرنا الحاضر الذى يؤمن بلغة الأرقام ، ومن روائع الإعجاز العددى فى القرآن الكريم ما جاء فى سورة الكهف : فالمدة التي لبثها أصحاب الكهف في كهفهم هي 309 سنوات، والعجيب أن الله تعالى قد تحدث عن قصتهم في القرآن الكريم بـ 309 كلمات ، فلو قمنا بعدّ الكلمات من بداية القصة:[إِذْ أَوَى الفِتْيَةُ إِلَى الكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا] {الكهف:10} وحتى نهايةالقصة :[قُلِ اللهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ] {الكهف:26} لوجدنا بأن عدد الكلمات من كلمة (إذ) وحتى كلمة (لبثوا) بالضبط هو 309 كلمات، بنفس عدد السنوات التي لبثها أصحاب الكهف ، مع ملاحظة أن كلتا الكلمتين تدلّ على زمن .
أما إذا جئنا فى المقابل ولا أقول لك لتنظر فى دلالات الإعجاز العددية فى الكتاب المقدس بل لتنظر فى لغة الأعداد فقط فى مواطن الكتاب المقدس سوف تجد العجب العجاب فى ذكره للحدث الواحد بتناقضات عجيبة تدل حقا على مدى إعجازه فى إثباته لعجزه ونقصه ومدى ما بلغه من تحريف وسوف ننقل جزاء فيه هذا الكم من الإعجاز العددى فى الكتاب المقدس لإثبات عجزه لا إعجازه وإثبات تعجزه لا تعجيزه .
أما إذا جئنا للإعجاز التشريعى فى القرآن الكريم فهذا أعجوبة الأعاجيب ، ولا أدرى أى شىء أشير لكم عليه وأنوه به أفى باب العبادات من طهارة : وضوء وغسل ثم صلاة وما تشمله هذه العبادة من فوائد صحية أم عن الصيام أم عن الزكاة وما تضمنه من تكافل إجتماعى ، أم عن تحريم الربا والخمر ولحم الخزير أم عن باب الجنايات وما يشمله من فلسفة لا نظير لها فى التشريع أم عن نظام المواريث..... الخ
أما إذا جئت للكتاب المقدس فهيهات أن تراه يحرم ما يضر أو يحل ما ينفع أو أن يحكم بما يعدل وحسبك أن يكون الأنبياء زناة وسراق وشراب خمر وما فيه من أوامر بالقتل وسفك الدماء ...
أما إذا جئنا للإعجاز الغيبى والتاريخى فحسبك كلامه عن نجاة جسد فرعون وحسبك ثم حسبك حديثه عن طوفان نوح عليه السلام وقارنه مقارنة علمية بما ورد فى الكتاب المقدس فتتجلى لك الحقائق أن هذا القرآن الكريم من لدن حكيم خبير وذاك المدعو مقدسا من صنع أيدى البشر .
أما إذا جئت للإعجاز العلمى فى القرآن الكريم فما أكثر الصولات والجولات فيه أنتحدث عن نشأة الكون وإيجاده ، أم عن خلق الإنسان وتطور حياته ...الخ
ثم أنظر إلى الكتاب المقدس وحديثه عن بدء الخلق واضطرابه وعن الكون وما فيه بوصف بلغ صعابه ... وسيكون لهذا حديث مفرد وسيكون له مرد والله المستعان.

مصداقية تحريف الكتاب المقدس .. إلى أين ؟؟

يا ترى ماذا يقول الكتاب المقدس عن نفسه لإثبات صحته وصدقه وحفظه وعدم تحريفه ؟ وما مصداقية هذا الادعاء ؟ وهل تكفل الله بحفظ الكتاب المقدس أم وكل بحفظه أحد ؟ ثم هل يوجد حقا تحريف داخل هذا الكتاب ؟ وما دليل ذلك ؟ وما شواهده ؟؟
أولا يقول الكتاب المقدس تدليلا على حفظه وعدم تحريفه :
- ففى المزامير : (89إِلَى الأَبَدِ يَا رَبُّ كَلِمَتُكَ مُثَبَّتَةٌ فِي السَّمَاوَاتِ) ( مزامير 119/89) .
- وفى أرميا يقول : (12فَقَالَ الرَّبُّ لِي: أَحْسَنْتَ الرُّؤْيَةَ، لأَنِّي أَنَا سَاهِرٌ عَلَى كَلِمَتِي لأُجْرِيَهَا) ( أرميا 1/12) .
- وفى إشعيا : (وَأَمَّا كَلِمَةُ إِلهِنَا فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ) (إشعيا 40/8).
- ويقول يسوع : (18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ ) ( متى 5 /18) .
- ويقول يسوع : (17وَلكِنَّ زَوَالَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ تَسْقُطَ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ) ( لوقا 16/17 ) .
- وفى يوحنا : (وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ) ( يوحنا 10/35) .
- ويقول يسوع :( اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ) ( متى 24/35) ، ( مرقس13/31) ، ( لوقا21/33) .
- وفى العبرانيين : (12لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ ) ( عبرانيين 4 /12).
- وفى بطرس : (23مَوْلُودِينَ ثَانِيَةً، لاَ مِنْ زَرْعٍ يَفْنَى، بَلْ مِمَّا لاَ يَفْنَى، بِكَلِمَةِ اللهِ الْحَيَّةِ الْبَاقِيَةِ إِلَى الأَبَدِ. 24لأَنَّ:«كُلَّ جَسَدٍ كَعُشْبٍ، وَكُلَّ مَجْدِ إِنْسَانٍ كَزَهْرِ عُشْبٍ. الْعُشْبُ يَبِسَ وَزَهْرُهُ سَقَطَ، 25وَأَمَّا كَلِمَةُ الرَّبِّ فَتَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ». وَهذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي بُشِّرْتُمْ بِهَا. ) ( بطرس الأولى 1/23-25).
- وفى رؤيا يوحنا : (18لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. 19وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هذَا الْكِتَابِ) ( رؤيا 22/18-19).
ولكن هل هذه الشهادة اضطردت فى جميع الكتاب أم أن الأمر تغير وانبلج الحق ؟ هذا ما سنراه .
ثانيا : هل تكفل الله بحفظ الكتاب المقدس أم وكل به آخرون ؟
- لقد أعلنت التوراة بكل وضوح أن اليهود سيفسدون ويقاومون الرب وكلامه ، فتقول : (24فَعِنْدَمَا كَمَّلَ مُوسَى كِتَابَةَ كَلِمَاتِ هذِهِ التَّوْرَاةِ فِي كِتَابٍ إِلَى تَمَامِهَا، 25أَمَرَ مُوسَى اللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ قَائِلاً: 26«خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ، لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِدًا عَلَيْكُمْ. 27لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلْبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ الْيَوْمَ، قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي!) ( تثنية 31/24-27).
ولعلم الله بضلال اليهود أمرهم بحفظ الكتاب وعدم تحريفه بزيادة ولا نقصان :
- ففى
سفر التثنية قال الرب : (1 فَالآنَ يَا إِسْرَائِيلُ اسْمَعِ الْفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ الَّتِي أَنَا أُعَلِّمُكُمْ لِتَعْمَلُوهَا، لِكَيْ تَحْيَوْا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا الأَرْضَ الَّتِي الرَّبُّ إِلهُ آبَائِكُمْ يُعْطِيكُمْ. 2 لاَ تَزِيدُوا عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلاَ تُنَقِّصُوا مِنْهُ، لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا) ( التثنية 4 / 1-2) .
- وفي سفر التثنية يقول الرب : (32كُلُّ الْكَلاَمِ الَّذِي أُوصِيكُمْ بِهِ احْرِصُوا لِتَعْمَلُوهُ. لاَ تَزِدْ عَلَيْهِ وَلاَ تُنَقِّصْ مِنْهُ) ( التثنية 12 / 32) .
-وجاء في سفر الأمثال: (5كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ. 6لاَ تَزِدْ عَلَى كَلِمَاتِهِ لِئَلاَّ يُوَبِّخَكَ فَتُكَذَّبَ.) ( الأمثال 30/ 5-6) .
ثالثا :شهادة الكتاب المقدس على نفسه بالتحريف :
ومع ذلك لم يمتثل اليهود لأمر الله وقاموا بتحريف العهد القديم وعلى إثرهم قام النصارى بتحريف العهد الجديد ، ولخزى القوم وتسجيل فضائحهم حول تحريفاتهم لكتابهم المقدس ، نرى دلائل ذلك عيانا بيانا فى كتابهم وهاكم شواهد ذلك :
- إن كاتب المزمور ينسب إلى داود عليه السلام بأن أعدائه طوال اليوم يحرفون كلامه فيقول :(مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ؟ 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) ( المزامير 56/4-5).
- واعترف كاتب سفر ارميا بأن أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمداً فيقول:(13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ، وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. صَارُوا لِي كُلُّهُمْ كَسَدُومَ، وَسُكَّانُهَا كَعَمُورَةَ. 15لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ عَنِ الأَنْبِيَاءِ: هأَنَذَا أُطْعِمُهُمْ أَفْسَنْتِينًا وَأَسْقِيهِمْ مَاءَ الْعَلْقَمِ، لأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ خَرَجَ نِفَاقٌ فِي كُلِّ الأَرْضِ) ( إرميا 23 / 13 – 16 ) .
- ويعترف كاتب سفر ارميا بأن اليهود حرفوا كلمة الله فيقول:
(36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ، لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا. ) ( إرميا 23 / 36 ) .
- ونجد أيضاً إن كاتب سفر ارميا ينسب لإرميا توبيخه وتبكيته لليهود لقيامهم بتحريف كلمة الرب :(8كَيْفَ تَقُولُونَ: نَحْنُ حُكَمَاءُ وَشَرِيعَةُ الرَّبِّ مَعَنَا؟ حَقًّا إِنَّهُ إِلَى الْكَذِبِ حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ الْكَاذِبُ) (إرميا 8/8).
- وكذا كاتب سفر إشعيا ينسب لإشعيا تبكيته لليهود : (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ، فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ، وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ) ( إشعيا 29 / 15 – 16) .
- ويقول الرب لإيليا : (وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ يَقُولُ: «مَا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟» 10فَقَالَ: «قَدْ غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ، وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا) ( ملوك أول 19 /9-10) .
- ويقول كاتب أرميا :(32فَأَخَذَ إِرْمِيَا دَرْجًا آخَرَ وَدَفَعَهُ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا الْكَاتِبِ، فَكَتَبَ فِيهِ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا كُلَّ كَلاَمِ السِّفْرِ الَّذِي أَحْرَقَهُ يَهُويَاقِيمُ مَلِكُ يَهُوذَا بِالنَّارِ، وَزِيدَ عَلَيْهِ أَيْضًا كَلاَمٌ كَثِيرٌ مِثْلُهُ.) (إرميا 36 / 32) .
- وفى أخبار الأيام الأول :(13فَمَاتَ شَاوُلُ بِخِيَانَتِهِ الَّتِي بِهَا خَانَ الرَّبَّ مِنْ أَجْلِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي لَمْ يَحْفَظْهُ. وَأَيْضًا لأَجْلِ طَلَبِهِ إِلَى الْجَانِّ لِلسُّؤَالِ، 14وَلَمْ يَسْأَلْ مِنَ الرَّبِّ، فَأَمَاتَهُ وَحَوَّلَ الْمَمْلَكَةَ إِلَى دَاوُدَ بْنِ يَسَّى) ( أخبار الأيام الأول 10/13-14).
- يقول أرميا : (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ، لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا) ( أرميا 23/36).
- وفى المكابيين الثانى :(39 فان كنت قد احسنت التاليف و اصبت الغرض فذلك ما كنت اتمنى و ان كان قد لحقني الوهن و التقصير فاني قد بذلت وسعي* 40 ثم كما ان شرب الخمر وحدها او شرب الماء وحده مضر و انما تطيب الخمر ممزوجة بالماء و تعقب لذة و طربا كذلك تنميق الكلام على هذا الاسلوب يطرب مسامع مطالعي التاليف انتهى*) ( المكابيين الثانى 15/39-40).
- وانظر إلى قول يسوع :(7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً:8 يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ ) ( متى 15 / 7-9) .
- يقول بطرس : (16كَمَا فِي الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هذِهِ الأُمُورِ، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ، كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ.) ( بطرس الثانية 3/16) .
- يقول بطرس : (1وَلكِنْ، كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا) ( بطرس الثانية 2 /1) .
- يقول يسوع : (23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. 29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، 30وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) ( متى 23 /23-33) .
- يقول يسوع : (22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!) ( متى 7/22 -23).
- يقول يسوع : (6 فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ! كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا، 7 وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8 لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ، وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هذِهِ تَفْعَلُونَ) ( مرقس 7 / 6-8) .
- يقول بولس : (6وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ تَحَرَّرْنَا مِنَ النَّامُوسِ، إِذْ مَاتَ الَّذِي كُنَّا مُمْسَكِينَ فِيهِ، حَتَّى نَعْبُدَ بِجِدَّةِ الرُّوحِ لاَ بِعِتْقِ الْحَرْفِ. 7فَمَاذَا نَقُولُ؟ هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ؟ حَاشَا! بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ:«لاَ تَشْتَهِ». 8وَلكِنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ أَنْشَأَتْ فِيَّ كُلَّ شَهْوَةٍ. لأَنْ بِدُونِ النَّامُوسِ الْخَطِيَّةُ مَيِّتَةٌ ) ( رومية 7/6-8).
- ويقول لوقا معترفا بالتأليف الذى كان منتشرا وشائعا للأناجيل ، والذى حبذه هو أيضا لنفس العمل ، وهو تأليف إنجيله !!!! فيقول : (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ، 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضًا إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيق، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ. ) ( لوقا 1 / 1-4) .
- ويقول بولس: (6إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هَكَذَا سَرِيعاً عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيلٍ آخَرَ. 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ. 8وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا».) (غلاطية 1: 6-8) . لاحظ وجود أناجيل أخرى وانتشار التأليف والتحريف فى الإنجيل عقب اختفاء عيسى مباشرة! وهو نفس الكلام الذى قاله لوقا فىإنجيله الإصحاح الأول .
- وأنظر ماذا يقول سفر أرميا عن أنبياء أورشليم والسامرة : (9فِي الأَنْبِيَاءِ: اِنْسَحَقَ قَلْبِي فِي وَسَطِي. ارْتَخَتْ كُلُّ عِظَامِي. صِرْتُ كَإِنْسَانٍ سَكْرَانَ وَمِثْلَ رَجُل غَلَبَتْهُ الْخَمْرُ، مِنْ أَجْلِ الرَّبِّ وَمِنْ أَجْلِ كَلاَمِ قُدْسِهِ. 10لأَنَّ الأَرْضَ امْتَلأَتْ مِنَ الْفَاسِقِينَ. لأَنَّهُ مِنْ أَجْلِ اللَّعْنِ نَاحَتِ الأَرْضُ. جَفَّتْ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ، وَصَارَ سَعْيُهُمْ لِلشَّرِّ، وَجَبَرُوتُهُمْ لِلْبَاطِلِ. 11«لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ وَالْكَهَنَةَ تَنَجَّسُوا جَمِيعًا، بَلْ فِي بَيْتِي وَجَدْتُ شَرَّهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. 12لِذلِكَ يَكُونُ طَرِيقُهُمْ لَهُمْ كَمَزَالِقَ فِي ظَلاَمٍ دَامِسٍ، فَيُطْرَدُونَ وَيَسْقُطُونَ فِيهَا، لأَنِّي أَجْلِبُ عَلَيْهِمْ شَرًّا سَنَةَ عِقَابِهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ. 13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ، وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. صَارُوا لِي كُلُّهُمْ كَسَدُومَ، وَسُكَّانُهَا كَعَمُورَةَ. 15لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ عَنِ الأَنْبِيَاءِ: هأَنَذَا أُطْعِمُهُمْ أَفْسَنْتِينًا وَأَسْقِيهِمْ مَاءَ الْعَلْقَمِ، لأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ خَرَجَ نِفَاقٌ فِي كُلِّ الأَرْضِ. 16هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ، فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ. 17قَائِلِينَ قَوْلاً لِمُحْتَقِرِيَّ: قَالَ الرَّبُّ: يَكُونُ لَكُمْ سَلاَمٌ! وَيَقُولُونَ لِكُلِّ مَنْ يَسِيرُ فِي عِنَادِ قَلْبِهِ: لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ شَرٌّ. 18لأَنَّهُ مَنْ وَقَفَ فِي مَجْلِسِ الرَّبِّ وَرَأَى وَسَمِعَ كَلِمَتَهُ؟ مَنْ أَصْغَى لِكَلِمَتِهِ وَسَمِعَ؟».) ( أرميا 23/9-18).
- يقول كاتب أرميا : (لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ. مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ، كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ) ( أرميا 8/10) .
- وفى حزقيال عن الأنبياء الكذبة :(6رَأَوْا بَاطِلاً وَعِرَافَةً كَاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ، وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ. 7أَلَمْ تَرَوْا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَاذِبَةٍ، قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟ 8لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لأَنَّكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِالْبَاطِلِ وَرَأَيْتُمْ كَذِبًا، فَلِذلِكَ هَا أَنَا عَلَيْكُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 9وَتَكُونُ يَدِي عَلَى الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الْبَاطِلَ، وَالَّذِينَ يَعْرِفُونَ بِالْكَذِبِ. فِي مَجْلِسِ شَعْبِي لاَ يَكُونُونَ، وَفِي كِتَابِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لاَ يُكْتَبُونَ، وَإِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لاَ يَدْخُلُونَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ.) ( حزقيال 13/6-9).
_ وفى أرميا : (14فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «بِالْكَذِبِ يَتَنَبَّأُ الأَنْبِيَاءُ بِاسْمِي. لَمْ أُرْسِلْهُمْ، وَلاَ أَمَرْتُهُمْ، وَلاَ كَلَّمْتُهُمْ. بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ وَبَاطِل وَمَكْرِ قُلُوبِهِمْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ) ( إرميا 14/14 ) .
- ويقول :(8لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: لاَ تَغُشَّكُمْ أَنْبِيَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي وَسَطِكُمْ وَعَرَّافُوكُمْ، وَلاَ تَسْمَعُوا لأَحْلاَمِكُمُ الَّتِي تَتَحَلَّمُونَهَا. 9لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ. أَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ.) ( إرميا 29/8-9).
- ويقول :(30«صَارَ فِي الأَرْضِ دَهَشٌ وَقَشْعَرِيرَةٌ. 31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ، وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ، وَشَعْبِي هكَذَا أَحَبَّ.) ( إرميا 5/30-31).
- ويقول أرميا : (29« أَلَيْسَتْ هكَذَا كَلِمَتِي كَنَارٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، وَكَمِطْرَقَةٍ تُحَطِّمُ الصَّخْرَ؟ 30لِذلِكَ هأَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الَّذِينَ يَسْرِقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ. 31هأَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ، يَقُولُ الرَّبُّ، الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ وَيَقُولُونَ: قَالَ. 32هأَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً، يَقُولُ الرَّبُّ. 33« وَإِذَا سَأَلَكَ هذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟ فَقُلْ لَهُمْ: أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ، هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ، أُعَاقِبُ ذلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ. 35هكَذَا تَقُولُونَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ وَالرَّجُلُ لأَخِيهِ: بِمَاذَا أَجَابَ الرَّبُّ، وَمَاذَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ. 36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ، لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ، إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِنَا. 37هكَذَا تَقُولُ لِلنَّبِيِّ: بِمَاذَا أَجَابَكَ الرَّبُّ، وَمَاذَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ. 38وَإِذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ، فَلِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ قَوْلِكُمْ هذِهِ الْكَلِمَةَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ قَائِلاً لاَ تَقُولُوا: وَحْيُ الرَّبِّ،) ( أرميا 23 / 29-36) .
- ويقول :(2يَا لَيْتَ لِي فِي الْبَرِّيَّةِ مَبِيتَ مُسَافِرِينَ، فَأَتْرُكَ شَعْبِي وَأَنْطَلِقَ مِنْ عِنْدِهِمْ، لأَنَّهُمْ جَمِيعًا زُنَاةٌ، جَمَاعَةُ خَائِنِينَ. 3« يَمُدُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ كَقِسِيِّهِمْ لِلْكَذِبِ. لاَ لِلْحَقِّ قَوُوا فِي الأَرْضِ. لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شَرّ إِلَى شَرّ، وَإِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا، يَقُولُ الرَّبُّ) ( إرميا 9 /2-3) .
- يقول أرميا : (14فَقَالَ الرَّبُّ لِي: «بِالْكَذِبِ يَتَنَبَّأُ الأَنْبِيَاءُ بِاسْمِي. لَمْ أُرْسِلْهُمْ، وَلاَ أَمَرْتُهُمْ، وَلاَ كَلَّمْتُهُمْ. بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ وَبَاطِل وَمَكْرِ قُلُوبِهِمْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ) ( أرميا 14/14).
وهنا يبادرنا هذا السؤال الملح الذى يطرح نفسه بكل بساطة ووداعة ، يا ترى من هم هؤلاء الأنبياء الكذبة الذى تحدث عنهم الكتاب المقدس حتى نتحاشا كلامهم وكتاباتهم التى زعموا أنها وحى من الله ؟ وما هى إلا محض كذب من نسيج خيالهم بغرض إرضاء الهوى المتعطشه له نفوسهم ؟؟ وحتى يحتفظ الكتاب بهالته المقدسة ولا تصيبه أدنى خدشة ؟
- فهل من هؤلاء الأنبياء الكذبة : هؤلاء الأنبياء الذين تركوا طريق الرب وعبدوا الأوثان من دونه كسليمان الذى عبد آلهة أخرى غير الله بإغواء من نسائه اللآئى حبهن فأملن قلبه إلى آلهة أخرى ، ولم يحفظ كلام الرب ، أنظر( الملوك الأول 11 / 1-13).
- أم نبى الله آحَازُ بْنُ يُوثَامَ الذى عبد الأوثان وعمل التماثيل المسبوكة أنظر ( الملوك الثانى 16/2-4) ، ( أخبار الأيام الثانى 28/1-4) .
- أم نبى الله يربعام الذى عبد الأوثان وعمل التماثيل ليغيظ الرب ، أنظر ( ملوك أول 14/9).
- أم نبى الله هارون الذى صنع العجل لبنى إسرائيل كى يعبدونه من دون الله ، أنظر ( الخروج 23/1-6).
- أم منهم هؤلاء الأنبياء الزناة والعراة والديوثين الذين انحرفوا عن تعاليم الرب كداود الذى زنى بثشبع بنت اليعام امراة اوريا الحثي أنظر ( صموئيل الثانى 11) ، والذى حضن فتاة جميلة جدا لكى يدفأ أنظر ( الملوك الأول 1 / 1-4) .
- أم لوط الذى شرب الخمر وسكر وضاجع ابنتيه وأنجب منهما موآب وبن عمى أنظر ( التكوين 19/30-38).
- أم هوشع الذى أول ما أوحى به الرب إليه أن يتخذ أمرأة زنا ففى هوشع : (2أَوَّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ، قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى، لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ». 3فَذَهَبَ وَأَخَذَ جُومَرَ بِنْتَ دِبْلاَيِمَ، فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا،) ( هوشع 1/2-3).
- أم نبى الله إشعياء الذى مشى عريانا وحافيا ثلاث سنوات ، أنظر إشعياء ( 20/2-4).
- أم نبى الله إبراهيم الذى يصوره الكتاب فى صورة ديوث قدم زوجته سارة إلى فرعون مصر لينال الخير بسببها ، أنظر التكوين (12/ 10- 20) .
- أم منهم هؤلاء الأنبياء اللصوص والكذبة كيعقوب الذى دخل على أبيه ومكر به وكذب عليه وسرق بركة أخيه عيسو ، أنظر ( تكوين 27 / 18 -40) ، بل قام يعقوب ( إسرائيل ) بنهب بهائم وغنيمة سكان أهل عاى بعد قتلهم (27لكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ ) ( يوشع 8 /27) .
- أم نبى الله موسى الذى يتهمه الكتاب المقدس بأنه أمر قومه بسرقة ذهب وفضة وأمتعة المصريين عند خروجهم من مصر أنظر ( الخروج 3 / 21-22) ، ( الخروج 12 / 35 -36) ، بل والأعظم فى ذلك أن الكتاب أتهمه هو وأخيه هارون بخيانة الرب وعدم وتقديسه وسط بنى إسرائيل ، أنظر ( تثنية 32 / 48 -51).
- أم بولس (شاول) الكذاب الحرامى المحرف المنعوت زعما رسول المسيح أنظر إلى كذبه وتدليسه على الكتاب المقدس واستحلاله للكذب :
- يقول بولس :(7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) ( رومية 3/7) .
- ومن أمثلة كذبه وتدليسه فى الكتاب قوله : (25كَمَا يَقُولُ فِي هُوشَعَ أَيْضًا:«سَأَدْعُو الَّذِي لَيْسَ شَعْبِي شَعْبِي، وَالَّتِي لَيْسَتْ مَحْبُوبَةً مَحْبُوبَةً) ( رومية 9/25).
وهذا النص الذى ذكره ليس موجودا فى هوشع بل ولا فى الكتاب المقدس كله .
- وهذا أيضا ليس موجودا فى الكتاب كله : (15وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ إِنْ لَمْ يُرْسَلُوا؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ:«مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ، الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ) ( رومية 10/15) .
- وهذا كذب آخر أو أقل درجاته خطأ وتحريف مما يتنافى مع العصمة والتى هى شرط النبوة والرسالة فيقول : (33كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «هَا أَنَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى) ( رومية 9/33).
فهذا النص ليس موجودا فى الكتاب المقدس أيضا ، ولكن للأمانة العلمية يوجد نصين قد يكونا أصل ما حرفه وهما فى أشعيا : (16لِذلِكَ هكَذَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هأَنَذَا أُؤَسِّسُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرًا، حَجَرَ امْتِحَانٍ، حَجَرَ زَاوِيَةٍ كَرِيمًا، أَسَاسًا مُؤَسَّسًا: مَنْ آمَنَ لاَ يَهْرُبُ) ( إشعيا 28/16).
- والنص الآخر : (14وَيَكُونُ مَقْدِسًا وَحَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ لِبَيْتَيْ إِسْرَائِيلَ، وَفَخًّا وَشَرَكًا لِسُكَّانِ أُورُشَلِيمَ) ( إشعيا 8/14).
- وكان بولس حرامى- وأى حرامى- كان يسطو على الكنائس :(3وَأَمَّا شَاوُلُ فَكَانَ يَسْطُو عَلَى الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ يَدْخُلُ الْبُيُوتَ وَيَجُرُّ رِجَالاً وَنِسَاءً وَيُسَلِّمُهُمْ إِلَى السِّجْنِ) ( أعمال 8 / 3) .
وبعد أن أثبتنا مصداقية دعوتنا فى تحريف الكتاب الامقدس ، ونسفنا هالة القداسة كشهادة منه على نفسه ، نتوجه بهذه الأسئلة إلى كل عاقل من النصارى حافظ على مسكة من عقله ووقف موقف الحيادية فنقول :
س هل الكتاب المقدس كلام الله ؟
س وإذا كان كلام الله فلماذا نسب لكُتاب آخرين ؟
س وإذ نسب لكتاب آخرين فمن هؤلاء الكُتاب أمعلومون أم مجهولون ؟
س فإذا كانوا مجهولين ، فكيف نأمن أنه كلام الله الموحى به إليهم وليسوا بأنبياء كذبة ؟
س وإذا كانوا معلومين فما هى سيرتهم ودرجة إيمانهم أكفرة كسليمان و آحَازُ بْنُ يُوثَامَ ويربعام؟ أم زناة كداود ولوط ؟ أم سارقون ولصوص كموسى ويعقوب ؟ أم كبولس وما أدراك ما بولس ؟؟؟
س وإذا كانوا صالحين فهل سلم ما نقلوه من التحريف ؟
س وإذا كان الكتاب المقدس كلام الله فهل يمكن أن يكون فيه كلام جنسى فاحش؟
س وهل يعقل أن يكون فيه تناقض ؟
س وهل يمكن أن يتعرض للزيادة والنقص والإضافة والحذف ؟
س وهل يمكن أن يكون ملىء بالأخطاء العلمية والتاريخية بل والنسخية والاقتباسية ؟
وبعد هذا البيان أيحق لنصرانى أن يسأل مثل هذه الأسئلة الساذجة والتى لقنها من شخص ساذج ؟؟ بأن يقول :
متى قام تحريف الكتاب ؟
ومن الذى قام بالتحريف ؟
ولماذا قام بالتحريف ؟
وأين حدث التحريف ؟
ونحن إزاء ذلك نتوجه بهذه الأسئلة البديهية أيضا ، والتى نتمنى أن يجيب عليها أصحاب الكتاب المقدس !!!
س متى تم كتابة كل سفر من أسفار الكتاب المقدس على حدة ؟
س من الذى قام بكتابة كل سفر من أسفار الكتاب المقدس ؟
س ولماذا تم كتابة كل سفر من أسفار الكتاب المقدس ؟
س وأين تمت كتابة كل سفر من أسفار الكتاب المقدس ؟
ثم بعد ذلك نقول :
س بأى لغة كتب الكتاب المقدس ؟
س ومتى ترجم الكتاب المقدس ؟
س وأين النسخ الأصلية للكتاب المقدس ؟
س ومن الذى قام بالترجمة ؟ وما سيرته ودرجته الإيمانية ؟
هذا ونسأل الله تعالى أن ينفع بهذا العمل ، والله الهادى إلى سواء السبيل .